حينما يتوقف الزمن.. أمريكيون وراء القضبان في كوريا الشمالية

(رويترز) - ربما تطرق الحرية باب ثلاثة أمريكيين محتجزين في كوريا الشمالية بأسرع مما توقعوا، فلم تكد تمر ساعة واحدة على إبلاغ سجناء‭ ‬أمريكيين سابقين بقرار العفو عنهم حتى وجدوا أنفسهم على متن طائرة أمريكية نقلتهم إلى وطنهم بعد شهور أو حتى سنوات من المحنة ذاتها.
 
وقبل قمة مرتقبة بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وزعيم كوريا الشمالية كيم جونج أون أفادت تقارير بأن المحتجزين نُقلوا من أحد مراكز الاحتجاز إلى فندق قريب في العاصمة الكورية الشمالية بيونجيانج مما يرجح قرب إطلاق سراحهم.
 
وقال كينيث باي، الذي قضى أطول فترة احتجاز لأمريكي في كوريا الشمالية، في مقابلة من كوريا الجنوبية ”لم يقولوا لي شيئا عن إطلاق سراحي حتى الدقيقة الأخيرة. كنت بأحد المستشفيات ثم جرى اصطحابي إلى فندق“.
 
وبمجرد إبلاغه بإطلاق سراحه عام 2014 حضر وفد أمريكي وفي غضون 30 دقيقة كان على متن طائرة نقلته من كوريا الشمالية التي بدأ منها رحلة استغرقت 24 ساعة عبر جوام وهاواي وصولا إلى سياتل حيث كانت أسرته بانتظاره.
 
وأثناء وجوده في السجن جرى إجبار باي على جرف الفحم ونقل الصخور بعربة. كان نحو 30 حارسا يراقبونه وحده على مدى عامين تضمنت فترات قضاها بالمستشفى لعدم تحمل جسده الأشغال الشاقة.
 
ومنذ نهاية الحرب الكورية أسرت كوريا الشمالية 17 أمريكيا كان كثير منهم في البلاد لأغراض إنسانية ذات صلة بعقيدتهم المسيحية. وباي والأمريكيون الثلاثة المحتجزون حاليا، كيم هاك سونج وتوني كيم وكيم دونج تشول، هم من تلك الفئة.
 
وفي كوريا الشمالية، حيث تحكم أسرة كيم منذ أكثر من 70 عاما ويُعتبر أعضاؤها أنصاف آلهة، يعد التبشير اعتداء على الدولة تصل عقوبته إلى السجن مع الأشغال الشاقة لعدة سنوات.
 
وقال معتقلون سابقون إن العزلة عن العالم تجعل المرء يشعر بأن الزمن توقف. ويُحتجز الأمريكيون في أماكن أفضلها فنادق وأسوأها أكواخ ضيقة لا نوافذ لها ولا توفر كثيرا من الحماية من البرد القارس.
 
وقال سجناء سابقون، ومنهم سائحون وصحفيون، إنهم تعرضوا لاستجوابات استمرت لساعات وتعرضوا للإذلال النفسي. وقال عدد قليل منهم إن العزلة دفعتهم للتفكير في الانتحار.
 
وقال مسؤول أمريكي سابق إن الولايات المتحدة تطالب بإطلاق سراح مواطنيها في كل مناسبة للتعامل مع كوريا الشمالية التي تعتقل أمريكيين وتطلق سراحهم لأسباب خاصة بها.
 
وقال المسؤول السابق الذي طلب عدم نشر اسمه إنه في بعض الحالات يجري الترتيب والتفاوض لإطلاق سراح محتجزين من جانب وزارة الخارجية الأمريكية عبر ”قناة نيويورك“ للتواصل مع دبلوماسيين كوريين شماليين في الأمم المتحدة بينما يتم التعامل مع حالات أخرى عبر رجال وكالات المخابرات الأمريكية.
 
وقال ”هم لا يحتجزونهم لمجرد الاحتجاز. هم يحتجزونهم لسبب ثم يطلقون سراحهم لسبب آخر“ موضحا أن السبب الواضح لاحتمال إطلاق سراحهم حاليا هو القمة المرتقبة.
 
وبالنسبة للسجناء الذين يجري التعامل معهم كأوراق مساومة ربما يجيء إطلاق سراحهم بسرعة البرق.
 
وقال جيفري فاول، السائح الذي احتجزته كوريا الشمالية لستة أشهر بعدما ترك إنجيلا في ملهي، إن السلطات أبلغته بإطلاق سراحه في اليوم ذاته وقدمت له متعلقاته التي سُحبت منه في فترة احتجازه.
 
وقال في مقابلة هاتفية من منزله في ولاية أوهايو ”اعتقدت أنني سأنتقل إلى معتقل أو ستتم محاكمتي أو أي شيء من هذا القبيل... لكنني انتقلت إلى فندق مجاور“.
 
وأضاف ”جاء بعدها عدد من الكوريين الشماليين في ملابس أنيقة وقالو ’كيم جونج أون أوصى بإطلاق سراحك‘. هذه كانت أول مرة أسمع بها بالأمر“.
 
وسُجن أوتو وارمبير (22 عاما) وهو من وايومنج بولاية أوهايو في الفترة بين يناير كانون الثاني 2016 ويونيو حزيران 2017 ثم أُطلق سراحه وهو في غيبوبة. وبعد ذلك بأيام لقى حتفه في الولايات المتحدة واتهمت أسرته كوريا الشمالية بتعذيبه وهو ما نفته بيونجيانج.
 
وبعد مرور بضعة شهور على وفاة وارمبير أشعل المعتقل السابق أيجالون جوميز (38 عاما) النار في نفسه داخل قطعة أرض في سان دييجو في نوفمبر تشرين الثاني 2017. واحتجز جوميز في كوريا الشمالية لفترة بلغت نحو سبعة أشهر بعدما دخل البلاد قادما من الصين في يناير كانون الثاني 2010 خلال ما اعتبره مهمة دينية.
 
وبعد عودته كتب جوميز سيرة ذاتية ونشرها بعنوان ”العنف والإنسانية“ تحدث فيها عن محاولاته للانتحار أثناء احتجازه في كوريا الشمالية.
 
وقال باي وفاول، وهما مسيحيان متدينان، إن الفترة التي قضياها في كوريا الشمالية جعلتهما أكثر قربا من الرب.
 
وقال باي ”عاطفيا ونفسيا كانوا (الكوريون الشماليون) يحاولون إثنائي عن هذا (الطريق)“.