نظرة فاحصة.. القضايا المطروحة على قمة ترامب وبوتين

موسكو/واشنطن (رويترز) - يلتقي دونالد ترامب وفلاديمير بوتين وجها لوجه في العاصمة الفنلندية يوم 16 يوليو تموز وذلك في أول قمة تجمع بينهما.
 
ومن المستحيل تقريبا التنبؤ، بأي قدر من الدقة، بما ستنتهي إليه القمة بسبب عفوية الرئيس الأمريكي في التفاوض والأسلوب الغامض الذي يتميز به الزعيم الروسي.
 
غير أن لدينا فكرة معقولة عن القضايا التي استعد لها الزعيمان ومساعدوهما قبل الاجتماع والمجالات التي يريد كل منهما شيئا فيها من الآخر والمسائل التي لدى كل منهما الاستعداد لتقديم تنازلات فيها.
 
* سباق التسلح
 
تشدد كل من ترامب وبوتين في تصريحاتهما عن الترسانة النووية في البلدين الأمر الذي فتح الباب أمام إمكانية حدوث سباق تسلح جديد. وقال ترامب إن القدرات النووية الأمريكية بحاجة لتجديدها. وقال لرويترز في العام الماضي ”إذا كانت الدول ستمتلك أسلحة نووية فسنكون على رأسها“.
 
وكشف بوتين في مارس آذار الماضي عن مجموعة من الأسلحة النووية الجديدة وحذر الحكومات الغربية من أنها ”تحتاج الآن لأخذ واقع جديد في اعتبارها“. وسيكون سباق التسلح خطيرا وباهظ الثمن للجانبين.
 
أما إذا تم التوصل إلى اتفاق لتقليل التصريحات الطنانة فسيخرج بوتين وترامب فائزين. وسيكتسب هذا الاتفاق معنى إذا ما تحقق تقدم صوب تمديد معاهدة ستارت الجديدة للحد من الأسلحة النووية التي ينتهي العمل بها في 2021.
 
* تخفيف العقوبات
 
يريد بوتين أن يخفف ترامب العقوبات التي فرضتها واشنطن بسبب ضم موسكو شبه جزيرة القرم من أوكرانيا ودعمها للانفصاليين في شرق أوكرانيا ودورها في الحرب الأهلية السورية والاتهامات بتدخل روسيا في الانتخابات الأمريكية في 2016.
 
ورغم أن قانونا صدر في 2017 يمنع ترامب من تخفيف الكثير من العقوبات دون موافقة الكونجرس فبإمكانه تخفيف بعضها دون موافقة الكونجرس. ومن الممكن أن يرسل الرئيس الجمهوري إشارة إلى أن الإدارة لا تعتزم توسيع قائمة الشركات الروسية والأفراد الروس الخاضعين لقيود السفر والقيود الاقتصادية.
 
وسيتيح ذلك فك تجميد استثمارات روسيا في حاجة شديدة لها وقروض من مستثمرين دوليين يرفضون في الوقت الحالي الارتباط بروسيا خوفا من تأثير العقوبات.
 
ولم يبد ترامب رغبة في توقيع قانون العقوبات كما فوت عدة مواعيد لفرض العقوبات الواردة فيه.
 
* صفقة سورية
 
تخشى إسرائيل حليفة واشنطن، بعد أن دخل الصراع الدائر في سوريا مراحله الأخيرة، أن تبقى قوات إيرانية وقوى تدعمها إيران حول حدودها. وفي القمة ربما يطلب ترامب من بوتين، أقوى الأطراف الخارجية في سوريا منذ التدخل العسكري الروسي فيها، استخدام نفوذه لدى طهران للحد من الوجود العسكري الإيراني.
 
وسيكون تحقيق ذلك صعبا على بوتين إذ يمثل مجازفة بقطيعة مع حلفائه في طهران وربما يلقي على القوات الروسية مهمة القيام بالنصيب الأكبر مما تبقى من أعمال قتالية في سوريا وهو عبء لا تريد موسكو أن تتحمله.
 
* ردود انتقامية على الصعيد الدبلوماسي
 
تقلص الوجود الدبلوماسي الروسي في الولايات المتحدة وحجم البعثات الدبلوماسية الأمريكية في روسيا بعد جولتين من عمليات الطرد الدبلوماسي الانتقامية في العامين الأخيرين. كانت الأولى بسبب التدخل الروسي المزعوم في الانتخابات الأمريكية والثانية هذا العام ردا على تسميم الجاسوس الروسي السابق سيرجي سكريبال وابنته في انجلترا.
 
ومن الممكن أن يتفق بوتين وترامب في هلسنكي على إعادة حجم البعثتين الدبلوماسيتين إلى ما كان عليه من قبل. ولن يغير ذلك شيئا في جوهر العلاقة الأمريكية الروسية لكنه سيمثل رمزا لبداية جديدة.
 
* الفناء الخلفي لروسيا
 
منذ ضم روسيا شبه جزيرة القرم في العام 2014 صعد حلف شمال الأطلسي مناوراته العسكرية في شرق أوروبا. ويقول زعماء الحلف إن الهدف من ذلك هو طمأنة أعضاء الحلف الذين يخشون اعتداء روسيا.
 
وقد أغضب ذلك روسيا التي تقول إن حلف شمال الأطلسي أصبح يمثل عبئا على فنائها الخلفي. وشبه الكرملين ذلك بنشر روسيا صواريخ في المكسيك.
 
وإذا قلص ترامب حجم التدريبات العسكرية فسيمثل ذلك انتصارا كبيرا لبوتين. وقال دبلوماسيان كبيران في حلف شمال الأطلسي لرويترز إنهما مستعدان لكل الاحتمالات بما في ذلك أن يعلن ترامب في أسوأ الحالات تجميد المناورات العسكرية الأمريكية أو سحب القوات من منطقة البلطيق كلفتة لبوتين.
 
وفي قمة حلف شمال الأطلسي التي تعقد في بروكسل وتسبق قمة هلسنكي ستسعى دول الحلف للحصول على تطمينات من ترامب أنه سيتمسك بالمناورات.
 
* الحليف الأوكراني
 
وقفت واشنطن إلى جانب قادة أوكرانيا الموالين للغرب في مواجهتهم مع روسيا. ومن أوجه هذا الدعم أن الولايات المتحدة قدمت مساعدات عسكرية بمئات ملايين الدولارات إلى كييف.
 
وستمثل قمة هلسنكي انتصارا لبوتين إذا أقنع ترامب بالتخلي عن تلك المساعدات العسكرية. ويقول المسؤولون الأوكرانيون إن لديهم تطمينات من مساعدي ترامب أن الرئيس الأمريكي لن يفعل ذلك لكنهم يسلمون بأن أي شيء يمكن أن يحدث ما إن يلتقي ترامب وبوتين وجها لوجه.
 
وفي المقابل يمكن للزعيم الروسي أن يقدم تنازلات فيما يتعلق بشرق أوكرانيا حيث يسيطر انفصاليون مؤيدون لموسكو على مساحات من شرق البلاد.
 
ويقول دبلوماسيون إنه يتعين إبرام اتفاق يسمح لقوة حفظ سلام دولية مسلحة بأن تراقب المنطقة. إلا أن بوتين لن يفكر في أي تنازلات فيما يتعلق بشبه جزيرة القرم.