"فاتح نجران"، العميد حسن الملصي

أخيرا صدر بيان نعي رسمي للعميد الركن حسن الملصي، عن قيادة وزارة الدفاع وهيئة الاركان العامة، بعد أن تقدم الصلاة على جنازته رئيس المجلس السياسي، صالح الصماد.

هذا مانطالب به، تجاه كل شهيد، من ابناء القوات المسلحة والأمن، بل وحتى من أبناء اللجان الشعبية، وكل من يستشهد في جبهة مقاومة العدوان السعودي.
لكأن المصلي، سيواصل اصلاح كثير من الأمور رغم استشهاده، كما فعل خلال عام ونصف، في جبهة مقاومة العدوان على الحدود مع السعودية.
ينجز الرجل، حيا وميتا.

***

أخر مهامه العسكرية، كان حسن الملصي، قائد الحراسة الشخصية للعميد أحمد علي عبدالله صالح.

من يعرف شخصية الرجل، سيفهم كيف أنه لم يستطع الحياة في الامارات العربية المتحدة، استقال، فعاد الى صنعاء ليكمل ماقد كان تفرغ له في قريته. كان الرجل يصرف طاقته بالتحدي، وكان هذه المرة مجرد بناء بيته بيديه ويدي ابنائه. بيديه يحفر الجبل، وبيديه يبني..

شنت السعودية حربها، وفي اليوم الذي كان فيه الملصي في صنعاء، قصفت السعودية منزلا في الحصبة..

زار العميد حسن الملصي، المنزل، شارك في عمل الانقاذ، كان يرفع الاطفال من تحت الانقاض، ويقول: هذا عبداللطيف، هذه نورى.. يتحدث عن أسماء أولاده..

هؤلاء أطفال، لم يحملوا سلاحا، ولا كانوا مستعدين علما بماسيحدث لهم.

لم يكمل الملصي مابقي من بناء بيته، أخذ سلاحه الشخصي ومع قلة من رفاقه، تحرك شمالا، صوب الحدود السعودية، قائلا: لن أنتظر حتى أكمل بناء بيتا تدفن السعودية ابنائي تحت أنقاضه.

حسن الملصي، ياسادة، كان أحد اثنين في اليمن، مهمتهم قيادة جهود مكافحة الارهاب، الاخر كان العقيد عبدالرحمن الشرقي، قائد كتيبة مكافحة الارهاب في الامن المركزي. والملصي، كان قائد وحدة مكافحة الارهاب بالقوات الخاصة، والاثنين معا كانا أعلى قائمة المطلوبين رأسيهما لتنظيم القاعدة، وهما معا اليوم، فتلتهما طائرات السعودية.

الملصي، وهو أكثر الاسماء اتصالا ونقاشا مع دول التعاون في مكافحة الارهاب، كان الارهاب عنده هو الخطر الأول، وان ماتفعله السعودية في اليمن بضربات جوية ستجعل اليمن شبها لليبيا، سيتسع الارهاب سواء بمن سيحقد عليها عجزا عن مقاومتها أو منها هي حين تعجز عن السيطرة على اليمن، فستتركه للعصابات.. ولذا قال لعدد من اصحابه:" نرد الحرب شمالا، مافيش شي سيوحد اليمنيين الا أن يشاهد يمني يهين جيش ال سعود".
في صعدة طلب الرجل ورفاقه "أكثر الجبهات صعوبة".

في صعده، قال لأنصار الله "نشتي ميدان نحارب بس، نشتي نكون جنود، ارسلوني جندي عند أصغر مشرف منكم، سأسمع له وأطيع، المهم رسلوني جهة السعودية، مانجلس نتقاتل بيناتنا البين، والسعودي يتفرج".

ذات يوم اكتشف هو والمشرف عليه، ان كل منهما كان قائدا في حرب مباشرة في جبهة واحدة من الحروب التي كانت بين الجيش والحوثيين، تذاكرا تفاصيل تلك المواجهة، وقال كل منهما للآخر: سلمني الله منك يومها ليجمعنا اليوم يرى منا كل يمني، مايثلج صدره ويدعوه لنسيان الماضي، ويقاتل من أجل الحاضر والمستقبل.

ذكر الملصي لجنوده يوما، كيف كانوا يتدربون على معارك في فندق أو في قصر، وقال لهم: أما هذه فهي اليمن كلها، لاعاش من يظن نفسه يكسر قلبها.. يتحدث عن بلاده كأنها طفلته التي ظل يتسمى بها "أبو نوره"، ولم يغيره الا عبر اصرار رفاقه في الجبهات وهو يرونه أحق بأن يكون اسمه أبا للحرب كلها، فكان "أبو حرب".
ذات نقاش مع خطيب ديني، يعدد لهم مناقب الحسين بن علي، قال له: كان في طائرات ايام الحسين؟

صمت المحاضر، والتفت رفاق الملصي له، فقال لهم: محمد وحده مانقدرش نقع مثله، أما غيره فأنا أريد أن أكون أفضل منهم كلهم، وسيرى الله مني مايفاخر بي نبيه، لم نعتدي ولم نظلم، ولكننا نعبده دفاعا عن وطننا، وسنقاتل الدبابة بالرصاصة والطائرة بالمسبحة".
جملتيه الأكثر ترديدا منه كانتا: "مع الله، قوة القوة"..
ولم يستشهد حتى لصى نجران، وان غدا لناظره قريب..

........ وللحديث بقية

***

لاتضيعوا، استشهاد الرجل في خلافات حول انتمائه الوطني الجهادي، انتم بهذا تخدمون من يريد قتل تأثير اللحظات التي يتعرف بها اليمنيون على الرجل، لم يكن مسموحا نشر أي شيئ عنه، ولذا فلايعرفه الا القليلون.. ويمكن أن روحه المجاهده، هي وحدها من جعلت اسمه يظهر بين الناس في يوم، وحتى الان عاد الناس لم تعرف عنه الا اسمه..
هذا أول مقطع يبثه الاعلام الحربي عن الرجل..

***

أمس، زرت بيت فاتح نجران، العميد الملصي.
من كثرة الزحام في مكان العزاء، سألت اين بيته، ماكانش فيه الا حراساته.
جلست معهم، يسمون غرفة الحراسة "نهوقة"..
"خيلت براقا لمع في نهوقة"
وكان الملصي هو ذلك البرق

***

فليرسلوا هذه الصورة لأكاديميات الحروب.

وليتأملها كل من يتعذر منا بأن الحرب مستحيلة في ظل فوارق القوة.
علب مشقدفة، وعودي، وقراطيس، هي ادوات التخطيط.

قال لي أحد رفاقه، كان حسن الملصي يقول لنا: اجعلوا يمنكم، يطمئن أنه ربى رجالا، واظهروا له أنكم أشداء على حربه، رفقاء بمن سلم.

هل تذكرون في التسجيل الاشهر لجملة سلم نفسك ياسعودي؟

كلنا سمعنا كلمة وقف، وفهمنا انها مرسلة للجندي السعودي الذي اطلق سيقانه للريح محاولا الفرار، لكنها كانت صوت الملصي ذاته للجندي اليمني الذي كان يطلق النار على الجندي السعودي الفار.. حاول منعه من استهداف جندي فار.

قال لهم لاحقا سندفع ثمن كبير لهذا الخطأ، سنصبح مثلهم.

وذات مرة، وصل لاسير سعودي وهو يتصل بأمه، وهو مجروح، اخذ منه التلفون وقال لها: لاتدعي علينا ياأمي، ملككم يرسل طائرات تقتل اطفالنا في بيوتنا، وابنك الان في ايدينا نضمن لك لن يمسه سوء طالما وقدو أسيرنا.