كيف تحاول إيران اختراق دول غرب أفريقيا؟

أوردت وكالة الأنباء الإيرانية "مهر" أن وزير الخارجية محمد جواد ظريف سيزور في السنغال، الخميس، في إطار جولة عمل له، قادما إليها من بوليفيا آخر محطة له في أميركا اللاتينية.
 
وتعطي خطة جولة ظريف صورة عن الاهتمام المتزايد لطهران بدول أميركا الجنوبية، بالرغم من الشكوك التي تحوم حول ضلوعها في جرائم ضد المدنيين هناك، على غرار الهجوم على مركز الجالية اليهودية بالعاصمة الأرجنتينية بوينس أيرس سنة 1994، والذي أودى بحياة 85 شخصا.
 
على الجانب الآخرـ يتزايد اهتمام طهران بدول غرب أفريقيا، حيث تنشط جمعيات دينية، وثقافية تابعة لإيران بصفة مباشرة وأخرى غير رسمية.
 
مدارس للتلقين.. وأخرى التعبئة
 
محطة ظريف لهذا الخميس، هي السنغال التي ارتفع بها عدد الجامعات والمدارس الممولة من النظام الإيراني بشكل لافت خلال السنوات الأخيرة.
 
إذ يمكنك أن تجد في العاصمة داكار مثلا جامعة لتلقين المذهب الشيعي، ضمن فرع من فروع جامعة المصطفى المعروفة في إيران.
 
وإذا دخلت مكتب المدير، حسب ما نقلته وكالة رويترز من خلال تحقيق سابق هناك، يمكنك رؤية صورة آية الله علي خامنئي على جدار مكتبه.
 
الوضع الاقتصادي والاجتماعي الهش في دول غرب أفريقيا أثار أطماع إيران منذ مطلع الثمانينيات، لبدء زرع مذهبها الديني والسياسي بالدرجة الأولى.
 
ومن أهم الدول التي تشهد نشاطا حثيثا لإيران عبر ملحقاتها الثقافية: السنغال وساحل العاج والغابون وغينيا، إذ يجتمع نحو 250 مليون نسمة في هذه المنطقة.
 
وبينما يعتنق عموم المسلمين هناك المذهب الصوفي للإسلام ثم السني بدرجة أقل، تحاول إيران استقطاب مؤيدين لها عبر مساعدات مختلفة في صور إعانات صورية ورمزية.
 
فالمدارس التي يمولها النظام الإيراني في السنغال على وجه التحديد، تتضمن تدريس مناهج الثقافة والتاريخ الإيرانيين والعلوم الإسلامية بالإضافة للغة الفارسية.
 
ويحصل الطلاب على طعام مجاني ومساعدات مالية طيلة فترة الدراسة، تحت نظام جامعة المصطفى التي تعمل تحت إشراف خامنئي في قم الإيرانية ولها فروع في 50 دولة.
 
وفي حديث لوكالة رويترز، قال ابن أحد رجال الدين في قم، طلب عدم نشر اسمه، إن آلافا من الطلاب من جميع أنحاء أفريقيا يتلقون ما يكفي من أموال إيران بما يمكنهم وأسرهم من زيارة قم أثناء الانتهاء من دراساتهم.
 
مدير الدراسات بجامعة المصطفى الشيخ أدرامي واني، قال من جانبه، إن الجامعة في دكار تستقبل 150 طالبا سنويا وتقدم لهم تعليما مجانيا ومنحا مالية ووجبات إفطار.
 
الاتفاقات التجارية... الطُعم
 
وقال أستاذ في قم إن الطلاب يردون هذا السخاء بالدعاية لإيران على الانترنت أو في صورة كتب. وفي دول مثل الصومال تدفع طهران تكاليف حفلات الزفاف والأثاث المنزلي بما في ذلك أدوات منزلية مثل الثلاجات أو أجهزة التلفزيون، إذا كان الزوجان شيعيين أو اعتنقا المذهب الشيعي حديثا.
 
وخلال السنوات الأخيرة أصبح التطرف الديني يؤرق السنغال، وهو ما يؤكده منسق مرصد التطرف الديني والنزاعات في أفريقيا بكاري سامبي، خلال حديثه لوكالة رويترز.
 
وقال بكاري "في المناطق التي تكون فيها الطرق (الصوفية) ضعيفة مثلما هو الحال في شرق السنغال يكون خطر التطرف أشد".
 
في كثير من الأحيان، ساهم النفوذ الإيراني في زعزعة استقرار السنغال، ففي عام 2010 تم اعتراض شحنة أسلحة إيرانية في ميناء لاغوس النيجيري اشتبهت السنغال في أنها كانت في طريقها لمتمردين في منطقة "كاسامناس" الجنوبية، وقطعت دكار العلاقات لفترة قصيرة مع طهران بسبب ذلك.
 
إلى ذلك، تحاول إيران، من خلال قربها من هذه الدول، تصريف إنتاجها الصناعي، إذ تمكنت العام 2008 من توقيع اتفاق يقضي بتصنيع سياراتها "ساماندا" في السنغال، لإنتاج عشرة آلاف سيارة سنويا لتباع بدول غرب أفريقيا.
 
المشروع كلف 60 مليون دولار وتكفلت إيران بتمويله بنسبة 60 في المئة، وذلك بعد أن استطاعت بيع السنغال ألفي سيارة "سامندا" لتستخدمها كسيارات أجرة.
 
وبزيارته المرتقبة للسنغال، يأمل محمد جواد ظريف بإعادة بعث علاقات متينة مع هذا البلد الأفريقي، استجابة لتطلعات المرشد الأعلى علي خامنئي.