المنظمة الدولية وسوء الإختيار لممثليها

لكي تثبت المنظمة الدولية للأمم المتحدة براءتها مما يحدث في عدد من الأقطار العربية، فقد اختارت مبعوثيها إلى هذه الأقطار للعمل على حل المشكلات والوصول بهذه الأقطار إلى حالة من الاستقرار والنهوض المنشود، لكن الوقت طال بهؤلاء المبعوثين ولم يتمكنوا بعد من إنجاح المهمة الموكلة إليهم، فلا سوريا استقرت واستعادت بعض الأمن لمواطنيها، ولا ليبيا خرجت من مأزق الصراع الذي تعيش فيه، ولا اليمن السعيد ولا المبعوث الخاص باليمن السعيد حققا أياً من الأهداف التي انتظرها اليمنيون بفارغ صبرهم.

وهكذا هو دور المبعوثين في كل من البلدان العربية الثلاث. وكان المتوقع والمأمول أن تراجع المنظمة الدولية موقفها ودور مبعوثيها، لكن يبدو أنها مقتنعة بما اتخذته من إجراء تراه كافياً رغم الفشل الذريع الذي خرج به مبعوثوها، وأثبتت بذلك أنها منظمة فاشلة أيضاً وأن المجتمع الدولي الذي كان يرى فيها أملاً في حل المنازعات الناشبة في كثير من انحاء العالم قد وصل إلى درجة اليأس مما توخاه من هذه المنظمة الدولية. فصار على المجتمع الدولي أن يفكر من جديد في البحث عن وسيلة أخرى تحقق الهدف الذي فشلت المنظمة الحالية في تحقيقه كالتفكير في ضرورة نقل مقر المنظمة خارج الولايات المتحدة، إلى سويسرا مثلاً، للتمكّن من الوقوف في وجه الضغوط التي تتعرض لها حالياً، وهو أمر ميسور ومقدور عليه، وقد نادى به كثير من الساسة ورجال الفكر من مختلف القوميات والجنسيات. وبدلاً من إهدار الوقت وتضييع الجهد، لا مناص من أن تؤخذ هذه الإجراءات ليتمكن العالم المأزوم من إيجاد حلول عاجلة وايجابية لمشكلاته التي تتعدد وتتطور ولا تجد من المنظمة الدولية الحالية ما يبعث على الأمل. ومن يراجع تاريخ هذه المنظمة وشكوى الشعوب من فشلها، يدرك أنه صار من الضرورة بمكان البحث عن البديل المطلوب. وهذه ليست الصرخة الأولى في هذا المجال، فقد سبقتها صرخات عديدة انطلقت في أكثر من مكان في هذا العالم ولم تجد أذناً صاغية من صناع القرار الدولي والحريصين على ألاَّ تظل معظم الشعوب تعاني، ولا تجد العون الممكن من هذه المنظمة وغيرها.

إن الأمم المتحدة، هذا المنظمة الدولية الكبرى، لم يكن إنشاؤها سوى لهدف تحقيق مصالح الشعوب وحقوقها في ظل سلام دائم قائم على مبدأ حقوق الإنسان وطموحاته لمشروعه، فهل آن للعالم الذي تمثله هذه المنظمة أن يسعى إلى نقل مقرها خارج الولايات المتحدة الأمريكية بعيداً عن الضغوط التي تمارسها الدولة الكبرى، والعمل على إعادة الاعتبار لمنظمة دولية من المفترض أن تواجه القضايا بوعي وإدراك للمخاطر التي تحيط بالشعوب داخلياً وخارجياً؟ وإلاَّ فلا أي معنى لوجودها، إلاَّ أن تكون شكلاً بلا مضمون أو أداة بيد الولايات المتحدة الأمريكية لتنفيذ مآربها التي لا تتفق ومصالح الشعوب وتطلعاتها نحو العدل والحرية والسلام.

*من صفحة الكاتب على الفيس بوك