في بيانين متضادين.. المركزي اليمني يواجه انهيار العملة بالاستجداء والنقابة تنشر غسيل فساده
في الوقت الذي يقترب سعر الدولار الأمريكي الواحد من 950 ريالاً، جراء الانهيار المستمر للعملة الوطنية، واجه البنك المركزي ذلك الانهيار ببيان هو أقرب إلى الاستجداء، في حين هاجمته نقابة موظفيه ونشرت غسيل فساده الإداري وخصخصته الوظيفة العامة.
ووجه البنك المركزي اليمني، في تعميم الثلاثاء 1 يونيو 2021م، "كافة الشركات ومنشآت الصرافة العاملة في الجمهورية، إلى عدم الاحتفاظ بمراكز عملات أجنبية طويلة، والقيام ببيع فائض العملة الأجنبية لديها يومياً، وبحد أقصى في صباح اليوم التالي لكل يوم عمل".
مصادر اقتصادية قالت لـ"خبر"، إن ذلك التوجيه غير مثمر طالما والبنك عاجز عن ربط جميع الشركات المصرفية في السوق بنظام واحد، حيث معظم شركات الصرافة تزاول عملية البيع والشراء للعملات بعيدا عن أي نظام إلكتروني موحد، بما يُعرف بـ"السوق السوداء".
واستغربت المصادر من مطالبة البنك المركزي "منشآت الصرافة الفردية بيع فائض العملات الأجنبية لديها إلى شركات الصرافة التضامنية"، وكذلك منعه "بيع وشراء العملات الأجنبية فيما بين المنشآت الفردية"، في الوقت الذي لا يعد انهيار العملة حكرا على المنشآت المصرفية، في ظل عدم توحيد العملية الإيرادية والاقتصادية للبنك مع فروعه في بقية المناطق المحررة، فضلا عن جفاف الوعاء الايرادي من عائدات الضرائب والنفط والغاز وايرادات الموانئ وغيره.
وانهمك تعميم البنك المركزي في حث شركات الصرافة بتغطية احتياجات العملاء من العملات الأجنبية، المقابل لطلب حقيقي، بحسب المتوفر لديها -حد قوله- وهو الإقرار بالعجز عن معرفة السيولة النقدية لتلك الشركات نتيجة عملها خارج منظومة البنك التي فضحت حجم التسيّب لديها تجاه تنظيم آلية حماية الاقتصاد من الانهيار خلال الأزمات.
وأظهر البنك المركزي عجزه في التحكم بزمام العملية الاقتصادية، من خلال تكراره الدعوات والمطالبات للمنشآت المصرفية، إلى "الالتزام بالسعر السائد في السوق، وتجنب عمليات المضاربة في سعر الصرف، وخلق طلب غير حقيقي، من شأنه الإضرار بحالة الاستقرار في سعر الصرف في السوق".
وكالعادة، اكتفى البنك في ختام تعميمه بالتوعّد باتخاذ "الإجراءات القانونية الصارمة والتي قد تصل إلى إلغاء الترخيص بحق المخالفين".
وتساءل خبراء اقتصاديون: لماذا يواصل البنك الهروب من المسؤولية ذات الوجوه المتعددة "إيرادات- توحيد عمل الفروع- الصادرات القومية... وغيرها"، ولماذا لم يتخذ أي إجراءات قانونية تجاه المنشآت المخالفة طيلة ما يزيد عن العام؟
وأكدوا أن عدم اتخاذ أي عقوبات طيلة فترة انهيار العملة الوطنية التي تفاقمت منذ الربع الثاني للعام 2020م، يضع البنك في دائرة الشبهة.
النقابة تفضح البنك
في السياق، كشفت نقابة البنك المركزي اليمني، في بيان، اليوم الثلاثاء، حمل الرقم 2، عن الفساد الاداري الذي يعصف بالبنك، وتسببه باستمرار في "تردي الأوضاع تزامنا مع غياب كامل لدور مؤسسات الدولة الرقابية المعنية وبشكل متعمد من قبل القائمين على شؤون البلاد".
وقال البيان -الذي حصلت وكالة "خبر" على نسخة منه- إن هناك عبثا إداريا في الوظيفة العامة بالبنك دون أي اعتبار لمكانته في ظل ما وصفه بـ"الانحراف السائد في الوظيفة العامة"، موضحا "أن الفارق يكمن في ان البنك ذات صلة أكثر بحياة المواطن البسيط وقوت يومه".
وأضاف البيان، الذي ذُيّل بإمضاء رئيس النقابة ثابت العيسائي، وخاتم النقابة، "هناك العديد من المخالفات التي تحدثنا عنها ولم يتم حلها أو حتى عرضها على الجهات الرقابية لأجل تفادي حدوثها في المستقبل، وما زالت القرارات المخالفة للقوانين واللوائح هي سيدة الموقف، لعدم وجود أي رقابة قانونية عليها عند استصدارها".
وأرجع أسباب العبث بالوظيفة العامة إلى أحد أمرين "إمّا اسكاتاً للأفواه الشريفة أو شراءً للولاءات، دونما اعتبار للكفاءة أو التخصص"، مشيرا إلى انه تم مؤخراً "توظيف بعض المقربين من صانعي القرار"، علاوة على "تربع الكثير من الأشخاص وظائف اشترطت القوانين واللوائح ضرورة توافر شروط معينة، دون ان تحقق نصفها فيهم، بالرغم من وجود الكثير من الكوادر في مختلف الجبهات، إلا انهم لقوا جميع الأبواب موصدة أمامهم".
وذكر أن "الوظائف والمسميات في البنك المركزي اصبحت حكرا على أشخاص مقربين من الدرجة الأولى لصانع القرار فيه، دون أي اعتبار للوائح والقوانين أو لمكانة البنك المركزي".
وتصاعدت موجة الانتقادات ضد البنك المركزي بعد ان وصل سعر الدولار الأمريكي 930 ريالا يمنيا، و245 ريالا امام الريال السعودي الواحد، في ارتفاع تجاوز نسبة 400 بالمئة منذ بداية الحرب التي اشعلتها مليشيا الحوثي في سبتمبر 2014م وافضت إلى الانقلاب العسكري على النظام الجمهوري في البلاد.
فيما ارتفعت أسعار السلع والمواد الغذائية خلال الستة الأشهر الأخيرة بنسبة (70 - 100) بالمئة، فضلا عن تخطي بعضها ذلك الحاجز، مضاعفة من معاناة المواطنين الذين أصبح مستوى الدخل الشهري لمعظمهم بمن فيهم موظفو القطاع المدني لدى الحكومة الشرعية بين (55 - 65) دولارا أمريكيا.