انقطاع الكهرباء بالعراق.. الشارع غاضب والحكومة تتحرك
من الجنوب العراقي وإلى بغداد، تشتعل بشكل شبه يومي تظاهرات على انقطاع الكهرباء المتكرر في أجواء الصيف الحارة ما يضعهم في معاناة يومية، في وقت تواجه الحكومة صعوبات في حماية البنئة التحتية من اعتداءات "مقصودة" كما تقول.
التظاهرات التي تحتج على انقطاع الكهرباء المستمر، تؤدي أحيانا إلى تفاقم الأزمة، كما حدث بعد اقتحام متظاهرين، ليلة السبت- الأحد، لمحطات تحويل في شمال البصرة، وقيامهم بـ"تخريب محتوياتها" كما يقول مدير عام نقل الطاقة في المنطقة الجنوبية، زياد فاضل، لوكالة ناس نيوز المحلية.
ونشرت الوكالة صورا لعشرات الشباب وهم يدخلون في إحدى المحطات الصغيرة في منطقة سكنية.
ونقلت الوكالة عن فاضل قوله إن "المحتجين يحاولون الدخول للمحطات وإعادة تشغيلها بطرق خاطئة" محذرا من تلف بعض المعدات بشكل "يصعب إصلاحه" بالإضافة إلى الخطورة التي يتعرض لها من يحاول اقتحام تلك المحطات.
وقال فاضل في حديثه "لا نستبعد وجود اقتحامات ممنهجة حيث لم نشهد تصعيدا سابقا بهذا الشكل".
وفي بغداد، تعرضت محطة الزعفرانية للاقتحام من قبل متظاهرين أيضا، فيما كاد متظاهرون في ديالى أن يقتحموا محطة في إحدى مدن المحافظة.
وأدت "مواجهات" الكهرباء في واسط إلى تصادم بين قوات الأمن ومتظاهرين، فيما شوهد مدنيون يلقون زجاجات حارقة على عربة عسكرية في محافظة المثنى، بسبب انقطاع الكهرباء أيضا.
حرب الأبراجوتعرضت الشبكة الكهربائية في عموم العراق، الجمعة الماضية، إلى انهيار كامل تسبب بقطع الكهرباء عن المستشفيات والمطارات ومبان حكومية رئيسة أخرى.
وأظهرت تسجيلات فيديو، لم يتمكن موقع "الحرة" من التحقق من دقتها، انقطاع الكهرباء بشكل مؤقت عن مطار بغداد.
واضطرت وزارة الصحة العراقية إلى الإعلان عن عدم تضرر مخزوناتها من لقاحات فيروس كورونا بسبب انقطاع الكهرباء، لاعتمادها على "ثلاجات خاصة"، يمكنها المحافظة على اللقاحات حتى في حال انقطاع الكهرباء لثلاثة أيام.
وقالت وزارة الكهرباء إن التجهيز عاد "بشكل تدريجي" لكنه لم يصل بعد إلى المستويات التي كان عليها قبل الانهيار.
وبالتزامن مع ارتفاع درجات الحرارة، تعرض أكثر من 70 برجا لنقل الطاقة الكهربائية إلى تفجيرات في مناطق امتدت من الجنوب إلى الشمال العراقي.
وقال المتحدث باسم الأمانة العامة لمجلس الوزراء العراقي، حيدر مجيد، إن "الخطوط الناقلة الرئيسة في أغلب مناطق العراق خلال الأسبوعين الماضيين، وبالتزامن مع ارتفاع درجات الحرارة، تعرضت إلى هجمات إرهابية ممنهجة، أسفرت عن تدمير (٦١) خطاً ناقلاً للطاقة الكهربائية إلى التدمير".
وأضاف مجيد لموقع "الحرة" إن الهجمات أسفرت أيضا عن مقتل وجرح 17 من المدنيين والفنيين، كما أدت إلى ضعف شديد في تجهيز الطاقة لعموم مدن العراق.
وحتى بعد عودة الطاقة، لم تتمكن وزارة الكهرباء من العودة إلى التجهيز بالمعدلات السابقة (عشرين ألف ميغا واط) وتمكنت فقط من استعادة 16 ألف ميغا، بحسب مجيد الذي قال إن رئيس الوزراء العراقي وجه بإقالة ومحاسبة عدد من مسؤولي الوزارة.
وقالت خلية الإعلام الحكومي في بيان إن "الهجمات إرهابية الممنهجة خلال الأيام العشرة الماضية"، نفذت "بالتزامن مع ارتفاع درجات الحرارة".
وبحسب الخلية فقد شملت الهجمات "إطلاق الصواريخ وزرع العبوات الناسفة واستخدام الأسلحة القناصة لاستهداف أسلاك الطاقة"، كان " آخرها استهدف الخطوط الناقلة بين أربيل ومخمور قبل قليل، ما أسهم في انعدام تجهيز الطاقة الكهربائية لعموم البلاد".
ولم يقتصر "التصعيد" على الهجمات المسلحة، بل أن وزارة الكهرباء العراقية تعرضت، بحسب الخلية، إلى "هجمات إعلامية" تهدف إلى إرباك الرأي العام وتشجيع "ضعاف النفوس" على التجاوز على عدد من المحطات (الكهربائية).
ونشر تنظيم داعش تسجيلات يقوم فيها أعضاءه بتفجير محولة كهرباء صغيرة وبئر ماء ارتوازي.
لكن المهندس، سعيد مرتضى، الذي يعمل في شركة ضمن القطاع الخاص العراقي متخصصة بنصب الأبراج يقول لموقع "الحرة" إن "الطريقة التي يتم فيها تفجير البرج تختلف من منطقة إلى أخرى بشكل يوحي إن الجماعات التي تنفذها مختلفة".
الداخلية العراقية تتحركوتحاول وزارة الداخلية العراقية إيقاف ما بدأت وسائل الإعلام المحلية وصفه بـ"حرب الأبراج".
وقال بيان للوزارة إن وزيرها، عثمان الغانمي، اجتمع، الأحد، بمسؤولين في شرطة حماية الطاقة والأمن الاتحادي في جميع المحافظات من أجل "حماية أبراج الطاقة الكهربائية وإيقاف الخروق الأخيرة".
وانتقد رئيس وزراء العراق مصطفى الكاظمي "الهدر" المستمر منذ "17 عاما"، مضيفا في اجتماع لحكومته إنه "تم بناء محطات غازية دون ان يتوفر لها الغاز الكافي، بينما يهدر الغاز".
وقال الكاظمي إنه "ليس من المعقول دولة لا توجد لديها خطة ستراتيجية في الكهرباء، كل دول العالم تأخذ احتياطات للكهرباء وتربط مع دول الجوار والعراق لديه ربط فقط مع إيران".
ويقول المحلل السياسي العراقي، منتصر الإمارة، إن من السهل توقع ردة الفعل الشعبية في حال انقطاع الكهرباء وسط درجات حرارة مرتفعة، وأنها ستكون دائما التصعيد.
ويضيف الإمارة لموقع "الحرة" إن "المشكلة الحقيقية هي أن ملفا خطيرا مثل هذا الملف، يعرض أمن العراق برمته إلى الخطر هو ملف يعتمد على مؤثرين خارجيين، وتعرض طوال 18 عاما ماضية إلى التأخير بسبب الفساد الهائل".
ويعتقد الإمارة إن التصعيد الحالي "مرتبط بالانتخابات ويهددها"، وأن "هنالك مستفيدين من التصعيد، سواء كان الراغبون بتأجيل الانتخابات لكي يبقى رئيس الحكومة الحالي في منصبه، أو المنافسون الذي سيديرون التوتر بدرجة تبقي الرفض للإدارة العراقية الحالية بدون أن تؤثر على موعد الانتخابات".
وأنفق العراق نحو 60-80 مليار دولار على قطاع الكهرباء منذ 2003، لكن التجهيز لم يتحسن بشكل ملموس رغم كل هذه الأموال.