الانتخابات العراقية.. كتل جديدة بفرص "متأرجحة" لكسب ثقة الشارع

انتخابات أكتوبر المقبلة في العراق تحمل الكثير من الفوارق عن عمليات الاقتراع التي سبقتها، فهي تقام قبل ستة أشهر تقريبا من موعدها الاعتيادي، وجاءت نتيجة لتظاهرات غير مسبوقة في البلاد، كما أنها الانتخابات الوحيدة التي جاءت بعد استقالة حكومة عراقية منتخبة من قبل البرلمان.

لكن هذا ليس كل شيء، فهي أيضا الانتخابات التي تشهد تنافس أكبر عدد من الأحزاب والحركات "غير التقليدية"، منها من كان قادتها من ناشطي التظاهرات، وأخرى من المستقلين، وثالثة يسميها بعض المحللين بـ"أحزاب الظل".

توقعات بـ"فرص قوية"

ويقول المحلل السياسي العراقي، مرتضى العودة، إن "أحزاب الظل هي تلك الحركات والأحزاب التي تظهر بقيادات جديدة، وأسماء جديدة، لكنها تتبع وتمول من قبل الأحزاب والحركات التقليدية".

ويضيف العودة لموقع "الحرة" أن "هذا التكتيك يسمح للأحزاب التقليدية بالمنافسة في البيئات التي ترفضها عادة، ويمنح أحزاب الظل أفضلية توفر التمويل والإدارة والخبرة".

وتأمل الأحزاب والحركات الجديدة أن تتجاوز هذه العوائق بالاستعانة بشخصيات مؤثرة اجتماعيا.

ويقول مشرق الفريجي، وهو أمين عام إحدى الحركات الجديدة المشتركة في الانتخابات إن "الكيانات السياسية الجديدة والمستقلة نزلت بقوة في هذه الانتخابات"، مضيفا لموقع "الحرة" أن فرص هذه الكيانات قوية خاصة وأنها "تحتوي على شخصيات ذات احترام اجتماعي في الدوائر الانتخابية التي تتنافس فيها".

وربما تكون فرصة الكتل الجديدة، خاصة المنتمية منها إلى تظاهرات أكتوبر، كبيرة، خاصة وأن هناك أحزابا ينتمي قادتها إلى هذه التظاهرات أعلنت مقاطعتها للانتخابات، كما يقول منتصر الكمالي، وهو عضو في كتلة شارك أغلب شخوصها في التظاهرات.

ويعتقد الكمالي، الذي تحدث لموقع "الحرة" أن "مقاطعة الكتل التشرينية (الاسم الشائع للكتل المنبثقة من التظاهرات)، قد يكون دافعا للمحتجين العراقيين لانتخاب الكتل التي لم تقاطع".

ويضيف الكمالي "ربما تكون المقاطعة هي من يتمكن من توحيد أصوات المحتجين بالنهاية".

لكن قياديين في كتل أخرى، قررت مقاطعة الانتخابات، يرون العكس.

هل سيشارك المتظاهرون؟

ويقول علاء ستار، وهو عضو في الأمانة العامة لحزب انبثق عن الاحتجاجات، إن "جمهور هذه الأحزاب (المنبثقة من الاحتجاجات) غالبيتهم من الشباب الذي ساهم بانتفاضة أكتوبر 2019 وإن السواد الأعظم من هذا الجمهور أعلن بشكل صريح أنه سيقاطع الانتخابات".

ويضيف ستار لموقع "الحرة" أن "هذه الأحزاب دخلت الانتخابات بدون جمهور انتخابي واضح تستند عليه، ولا هي حاولت أن تقنع هذا الجمهور، ولا هي ضغطت على السلطة لكي تكون جزءًا من حوار الأمن الانتخابي، فضلًا عن الحصار والأعمال التخريبية شبه اليومية التي تتعرض لها الماكينات الانتخابية لهذه الأحزاب من قبل السلطة وميليشياتها".

وتقول الكتل السياسية التي قررت المقاطعة إن قرارها جاء بسبب تعرض مرشحيها وقياداتها لمحاولات ترهيب، أو اغتيال، أو تهجير من مناطقهم.

ويعتقد ستار أن كل هذا "سيخفّض فرص نجاحها في هكذا بيئة، ولا أعتقد أنها ستكون مؤثرة في دورة البرلمان القادم".

ويقول، حسين محمود، أمين عام إحدى الأحزاب المقاطعة للانتخابات، والمنبثقة من تظاهرات أكتوبر الماضية إن "المحتجين المشاركين في الانتخابات يخوضون معركة انتخابية غير متكافئة بسبب فارق الإمكانيات والفترة الزمنية القصيرة التي لم تسمح لهم بالوصول إلى المجتمع بالشكل المطلوب وأيضا الخروقات القانونية والدستورية التي تمارسها الكتل الكبيرة على المجتمع لغرض ترغيبهم أو ترهيبهم".

ويضيف محمود لموقع "الحرة" أن "أمكانيات الدولة كلها تستخدم لقوى النظام السياسي الحالي، ويشمل ذلك السلاح والنفوذ والمال العام"، لهذا لا يتوقع محمود أن "تكون حظوظهم في المشاركة مرتفعة".

ولا تبدو هذه المشاكل محصورة بالمناطق التي شهدت تظاهرات كبيرة في أكتوبر 2019، وامتدت لنحو عام، لكن أيضا في المناطق الأخرى، مثل المناطق الغربية التي لم تشهد تظاهرات مماثلة.

ويعتقد الناشط البارز من محافظة الأنبار، عمر أغا، أن  "حظوظ الأحزاب الجديدة في المناطق الغربية من العراق "منخفضة" بسبب "قوة المنافسين"، كما يعتقد أغا.

ويضيف أغا لموقع "الحرة" إن "الأحزاب الجديدة غير متواجدة بشكل كبير في المناطق الغربية"، كما أنهم "اختاروا شخصيات غير قادرة على الوصول إلى القاعدة الشبابية في تلك المناطق، مما قلل حظوظهم في المشاركة".

ويقول أغا إن "الأحزاب الجديدة لم تقم حتى بإقامة مؤتمرات انتخابية واسعة في تلك المناطق للتعريف بمرشحيها".

بالمقابل، يقول أغا، فإن "الأحزاب التقليدية الكبيرة مارست ضغوطا على الأحزاب الجديدة، كما أن مرشحين مستقلين تعرضوا إلى الإبعاد من السباق الانتخابي نتيجة لهذه الضغوطات".

ودعت مفوضية الانتخابات المستقلة نحو 25 مليون ناخب للمشاركة في الانتخابات المبكرة، التي ستجري في 10 أكتوبر، والتي يتنافس فيها أكثر من 3200 مرشح للفوز ب329 مقعدا هو مجموع مقاعد مجلس النواب التي خصص 25 بالمئة منها للنساء.

وستجري الانتخابات بحسب قانون انتخابي جديد يعتمد دوائر انتخابية مغلقة، بحيث أصبح الترشيح لا يتطلب الانضواء في قوائم ويمكن أن يقتصر على عدد محدود من المرشحين، بحسب عدد السكان في كل دائرة.

ويرجح أن تلجأ الكتل السياسية لترشيح وجهاء وشخصيات بارزة ضمن 83 دائرة انتخابية. لكن غالبا ما يتغير الحال وتشكل تحالفات جديدة بعد إعلان النتائج بما يشكل تغييرا للكتل السياسية تحت قبة البرلمان.