"حقوق الإنسان" الأوروبية: روسيا "مسؤولة" عن قتل معارض في بريطانيا.. وموسكو تنفي
رأت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان اليوم الثلاثاء أن روسيا "مسؤولة" عن قتل العميل السابق ألكسندر ليتفيننكو الذي تعرض لعملية تسميم بمادة البولونيوم 210 في المملكة المتحدة عام 2006.
واعتبرت المحكمة أن "ثمة قرينة قوية" بأن مرتكبي عملية التسميم الذين حددهم تحقيق بريطاني "تصرفوا بصفة عملاء للدولة الروسية" مشيرة إلى أن موسكو لم تقدم أي تفسير بديل "مرض ومقنع" كما أنها "لم تنقض استنتاجات التحقيق الرسمي البريطاني".
وقد أصيب ليتفينينكو بالمرض في الأول من نوفمبر 2006 وتدهور وضعه الصحي وتوفي في 23 من الشهر عينه.
ونُشرت له رسالة بعد مماته موجّهة إلى بوتين جاء فيها "تمكنتَ من إسكات رجل لكن صراخ التنديد الآتي من العالم أجمع سيتردد صداه في أذنيك، أيها السيد بوتين، مدى الحياة".
وفي وقت لاحق، قال المتحدث باسم الكرملين، ديمتري بيسكوف، إن موسكو لا تعترف بالحكم الصادر عن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان.
وقال بيسكوف للصحافيين "حتى الآن لم يأت التحقيق بنتائج، لذا فإن إطلاق مثل هذه المزاعم لا أساس له. لسنا مستعدين للاعتراف بمثل هذا القرار".
وأضاف أن "من غير المرجح أن تتمتع المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان بالصلاحيات أو القدرة التقنية" لتسليط الضوء على هذه القضية.
المطالبة بتعويضاتوكانت مارينا ليتفينينكو أرملة ألكسندر ليتفينينكو قد تقدمت في العام المنصرم بدعوى ضد روسيا إلى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان مطالبة بمبلغ 3.5 مليون يورو (4 ملايين دولار) كتعويض عن قتل زوجها عبر مادة سامة ومشعة في لندن.
وطالبت مارينا ليتفينينكو بتعويضات عقابية وتأديبية وبدفع الخسائر المتراكمة الناتجة عن توقف الدخل، وذلك بعدما خلص تحقيق إلى أن مقتل زوجها قبل نحو 15 عاما ربما كان بأمر من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين شخصيا
وطالبت الدعوى من قضاة المحكمة في ستراسبورغ الحكم على عمليات اغتيال مشابهة قام بها عملاء روس ونفذوها عبر أوروبا والشرق الأوسط.
ومن بين الهجمات المذكورة، تسميم سيرغي سكريبال وابنته يوليا في سالزبوري العام 2018 وموت امرأة تدعى دون ستورغس بعد أن تعاملت مع حاوية سممت بغاز الأعصاب نوفيتشوك.
وروسيا مثل المملكة المتحدة هي عضو في مجلس أوروبا الذي يشرف على المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان.
وكان ألكسندر ليتفينينكو ضابط سابق في الاستخبارات الروسية "كي جي بي"، وتحدث عن الفساد داخل روسيا قبل أن يفر مع عائلته إلى بريطانيا، وتم تسميمه بمادة البولونيوم المشعة.
وأشارت بعض التحقيقات إلى عميلين روسيين هما أندريه لوغوفوي وديمتري كوفتون التقى بهما ليتفينينكو في لندن، ويرجح أنهما قاما بعملية التسميم، إلا أنهما نفيا مرارا تورطهما.
وفي معرض دعواها، قالت مارينا ليتفينينكو "مر ما يقرب من 14 عاما على مقتل زوجي، وكان علينا أن نسعى جاهدين للوصول إلى الحقيقة، واستغرق تقديم هذه القضية إلى العدالة وقتا طويلا".
وأضافت أن جريمة مقتل زوجها "كانت برعاية الدولة، واليوم أكافح ليس من أجله فقط بل من أجل سيرغي ويوليا سكريبال وزعيم المعارضة الروسي أليكسي نافالني، وكلهم سمموا بمواد كيميائية ممنوعة".
ويذكر أن وزارة الخارجية البريطانية قالت سابقا إن مقتل ألكسندر ليتفينينكو كان خرقا صارخا وغير مقبول للقانون الدولي، وعبرت عن التزام بريطانيا بضمان العدالة، فيما نفى الكرملين نفى مرارا مسؤوليته عن الهجمات.
ليست الأولىواتهام روسيا بالوقوف وراء عمليات قتل وتسميم كما حدث مع ليتفينينكو والعميل الروسي المزدوج، سيرغي سكريبال ليست الأولى من نوعها.
ففي العام الماضي بدأت في ألمانيا محاكمة روسي بتهمة اغتيال قائد شيشاني سابق، في وسط برلين بأوامر من موسكو، وهي قضية ألقت بظلالها على العلاقات بين روسيا وألمانيا.
وفاديم كي الملقب فاديم أس، متهم بقتل رجل حددته السلطات الألمانية بأنه "تورنيكي كي" البالغ من العمر 40 عاما في حديقة كلاينر تيرغارتن في 23 أغسطس من العام 2019، في وضح النهار بثلاث رصاصات من مسدس مزود كاتم للصوت.
وقال المدعون الألمان الذين لم يكشفوا عن الأسماء الكاملة للمشتبه بهم قبل المحاكمة الجنائية، إن جريمة القتل نفذت بناء على طلب من روسيا، ما دفع برلين إلى طرد دبلوماسيين روسيين.
ونفت موسكو تلك المزاعم واتخذت إجراءات انتقامية ضد برلين.
وذكر موقع "بيلنغكات" الاستقصائي أن المشتبه به هو فاديم كراسيكوف البالغ 54 عاما، وهو قاتل مأجور، نشأ في كازاخستان عندما كانت جزءا من الاتحاد السوفياتي قبل أن ينتقل إلى سيبيريا.
وأضاف الموقع أنه تلقى تدريبات من جهاز الأمن الفيدرالي "جهاز الاستخبارات الروسي" وكان عضوا في فرقة النخبة.
وقالت المستشارة الألمانية، أنغيلا ميركل، في مايو من العام 2019 إن عملية القتل "تعطل التعاون المبني على الثقة" بين برلين وموسكو، فيما أشار بعض المحللين إلى أن هذه الجريمة أدت إلى تغيير في نهج ألمانيا تجاه روسيا، بحسب وكالة فرانس برس.
سيرغي سكريبالوفي مارس 2018، تعرض الكولونيل السابق في الاستخبارات العسكرية الروسية، سيرغي سكريبال، وابنته، يوليا، لعملية تسميم في مدينة سالزبري بجنوب إنكلترا بغاز أعصاب.
وألقت، بريطانيا، باللوم على روسيا في تسميمهما بغاز "نوفيتشوك" القاتل الذي كان يصنعه الجيش السوفيتي خلال السبعينيات والثمانينيات.
كان سكريبال قد اعتقل، عام 2006، في روسيا بعد أن اتهمته السلطات بالتجسس لحساب المملكة المتحدة، وحكم عليه بالسجن 13 عاما، قبل أن يفرج عنه بعد أربع سنوات باتفاق لتبادل الجواسيس بين البلدين.
بيوتر فيرزيلوف وفلاديمير كارا- مورزاوبعد شهور من حادثة سكريبال، نقل، بيوتر فيرزيلوف، عضو فرقة "بوسي رايوت" الروسية المعارضة إلى مستشفى في ألمانيا، حيث وُصفت حالته بالـ"خطرة"، وقال حينها مقربون منه إنه تعرضه لمحاولة اغتيال بواسطة السم.
وكان القضاء الروسي قد أصدر مرارا أحكاما قضائية بحق نشطاء وفرقة "بوسي رايوت". وفيرزيلوف، اشتهر بشكل خاص عندما اقتحم أرضية ملعب المباراة النهائية في كأس العالم لكرة القدم، في موسكو، مرتديا زي الشرطة مع ثلاثة نشطاء آخرين، للفت الانتباه لوحشيتها، وقد حُكم على الأربعة بالحبس 15 يوما.
وفي فبراير 2017، دخل المعارض الروسي، فلاديمير كارا-مورزا، منسق أنشطة حركة "روسيا المنفتحة"، التي يتزعمها الملياردير الروسي السابق، المقيم في المنفى، ميخائيل خودوركوفسكي، في غيبوبة بعد تعرضه للتسمم "بمادة مجهولة" بحسب ما أعلن محاميه.
ولم تكن المحاولة الأولى، ففي عام 2015، أدخل كارا- مورزا إلى المستشفى مصابا بفشل كلوي حاد كاد يؤدي بحياته، ولم يعرف حينها سببه، قبل أن يجد الأطباء في دمه آثار تسمم بمعادن ثقيلة.
ألكسي نافالنيأحد أحدث الفصول في تلك القضايا، فكان ما حدث مع المعارض الروسي البارز، أليكسي نافالني، وذلك بعد اتهم أنصار الرئيس فلاديمير بوتن بمحاولة اغتياله عن طريق دس السم له في كأس شاي.
وقالت كيرا يرميش، المتحدثة باسم نافالني إن الأخير قد تعرض للتسميم عبر مادة مزجت في الشاي الذي كان يحتسيه، لأن ذلك كان المشروب الوحيد الذي احتساه، قبل أن يصاب بوعكة صحية شديدة. وقالت "أنا متأكدة من أنه تسميم متعمد".
كان المعارض في رحلة، بين سيبيريا والعاصمة موسكو، حين قامت الطائرة بهبوط اضطراري بسبب تدهور وضعه الصحي بشكل مفاجئ، لينقل بعدها إلى المستشفى.
وبعد ضغوط غريبة قوية جرى نقل نافالني إلى ألمانيا حيث تلقي علاجا فعالا، قبل أن يقرر العودة إلى بعد بضعة أشهر ليعتقل وتوجه له تهم جنائية قال مؤيده أنه كاذبة ومفبركة.
ونافالني، هو محام وناشط سياسي، اكتسب شهرة في روسيا، وخصوصًا في وسائل الإعلام، منذ 2009، كمندد بالفساد، ومنتقد شرس لسياسات بوتين.