أول زيارة دولة في عهد بايدن.. ماكرون يصل واشنطن لتهدئة التوتر

وصل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى الولايات المتّحدة، مساء الثلاثاء (بالتوقيت المحلي)، في زيارة دولة تستمرّ 3 أيام ويلتقي خلالها خصوصاً نظيره الأميركي جو بايدن.

وحطّت طائرة الرئيس الفرنسي في قاعدة أندروز الجوّية في ضاحية واشنطن، وكان في استقباله في أرض المطار نائبة وزير الخارجية الأميركي ويندي شيرمان.

وسيمضي الرئيس الفرنسي يومين في واشنطن قبل أن يتوجّه في اليوم الثالث والأخير من زيارته هذه إلى نيو أورلينز التي كانت يوماً ما مدينة فرنسية قبل أن تبيعها الجمهورية الفرنسية الأولى عام 1803 للولايات المتحدة مقابل 15 مليون دولار، ما يعني أقل من 18 دولاراً لكل ميل مربع.

وهذه هي ثاني زيارة دولة يقوم بها ماكرون للولايات المتّحدة والأولى له في عهد بايدن.

ويأمل الرئيس الفرنسي في أن تسهم هذه الزيارة في إعطاء دفع لمساعيه الدبلوماسية الرامية لوضع حدّ للحرب في أوكرانيا، والدفاع عن وجهة النظر الفرنسية الرافضة للنزعة الحمائية الأميركية.

وسيحاول الأميركيون من جهتهم بذل قصارى جهدهم لمنع أدنى احتكاك أو بيان بارد اللهجة، من التأثير على أول زيارة دولة ينظمها جو بايدن.

وأشاد الناطق باسم مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض جون كيربي، الاثنين، بالرئيس الفرنسي "الديناميكي"، مؤكداً أن فرنسا هي "في صلب" كل القضايا الدولية، من الحرب في أوكرانيا إلى نفوذ الصين المتعاظم.

وأشار كيربي إلى أن بايدن "رأى أن فرنسا أكثر دولة مناسبة" لتنظيم أول زيارة دولة منذ دخول الرئيس الديمقراطي جو بايدن البيت الأبيض.

وفي عام 2018، دعا الرئيس الجمهوري دونالد ترمب نظيره الفرنسي الشاب إلى اجتماع حظي بتغطية إعلامية واسعة، لكن هناك توقعات بألا تكون التغطية الإعلامية بالزخم نفسه هذه المرة، إذ إن ماكرون لم يعد وجهاً جديداً، والرئيس الديمقراطي الثمانيني يستقطب اهتماماً أقل من الملياردير الجمهوري.

لكن باريس لم تخف سرورها قبل بدء الرحلة، الثلاثاء، باتجاه واشنطن، والتي يزور ماكرون خلالها نيو أورلينز في وقت لاحق.

واعتبر الجانب الفرنسي الزيارة "شرفاً يُمنح لفرنسا وليس لأي دولة أوروبية أخرى".

وسيعمل الطرفان على تسوية الأزمة الفرنسية الأميركية الأخيرة، من خلال تصريحات رسمية ولقاءات ذات طابع شخصي أكثر، تشمل أيضاً زوجتي الرئيسين جيل بايدن وبريجيت ماكرون.

وكان التوتر بين بايدن وماكرون بدأ في سبتمبر 2021، عندما أعلنت واشنطن عن تحالف دفاعي باسم "أوكوس" بين الولايات المتحدة وأستراليا وبريطانيا، وهو ما أثار غضب فرنسا، لأنه نسف عقداً ضخماً كانت باريس ستزود بموجبه أستراليا بغواصات تعمل بالطاقة النووية، إلى جانب إبعاد باريس عن منطقة المحيطين الهندي والهادئ المهمة.

وقالت الباحثة الضيفة في معهد "بروكينجز" في واشنطن سيليا بولان إن الزيارة تأتي في إطار التقارب الذي بدأ يحدث منذ وقوع التوتر، مشيرةً إلى أن من مصلحة الأميركيين أن يحافظوا على علاقة وثيقة مع الحليف الفرنسي الذي يدعو إلى "استقلالية استراتيجية" لأوروبا.

وأضافت بولان: "ليست إدارة العلاقة مع الفرنسيين سهلة دائماً، لكن حين يتفق الفرنسيون والأميركيون، يساهم ذلك في الكثير من التقدم".

 

"حلفاء بلا اصطفاف"

إلى جانب الإجراءات البروتوكولية، تأمل الرئاسة الفرنسية بحوار "حازم" مع الولايات المتحدة، وقال مستشار رئاسي فرنسي: "نحن حلفاء من دون اصطفاف كامل" في المواقف.

ويَظهر هذا التباين أولاً على صعيد الحرب في أوكرانيا، فمنذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا في 24 فبراير، يعتمد ماكرون موقفاً يُزعج واشنطن منذ فترة، إذ يُعبر عن دعمه الكامل لكييف من جهة، فيما يُحبذ التحاور مع موسكو من أجل إنهاء الحرب "حول طاولة المفاوضات" حين ترى كييف ذلك مؤاتياً.

ويواصل ماكرون موقفه الدبلوماسي "التوفيقي" هذا من خلال تنظيمه مؤتمراً في باريس في 13 ديسمبر، لدعم المقاومة المدنية في أوكرانيا، فيما يعد بالتحدث مجدداً مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين "في الأيام المقبلة".

ويبدو أن واشنطن تقترب من الموقف الفرنسي منذ تحدث رئيس هيئة الأركان العامة الأميركية الجنرال مارك ميلي عن وجود "فرصة للتفاوض".