الاقتصاد اليمني في 2022.. غلاء في الأسعار وتدهور في قيمة العملة الوطنية وتفشي الفساد في طرفي الصراع

شهد الاقتصاد اليمني خلال العام 2022م عدداً من الأحداث والتحولات التي انعكست في شكل توسع فجوة الفقر والجوع والبطالة وتمدد الأزمة الإنسانية لتشمل معظم السكان في البلاد.

استقبل الاقتصاد اليمني العام 2022م بتداعيات الحرب الروسية الأوكرانية والتي تسببت في توقف سلاسل التوريد مع فرض عدد من الدول قيوداً على صادراتها خاصة من السلع الرئيسة وعلى رأسها القمح، والتي تعد روسيا وأوكرانيا أهم بلدين موردين للقمح إلى اليمن.

حيث انخفض المعروض من القمح في اليمن، ما تسبب في ارتفاع أسعاره بنسبة ثلاثين في المائة، عما كان عليه قبل اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية، ناهيك عن ارتفاع فاتورة استيراد السلع الرئيسية الأمر الذي زاد من عجز ميزان المدفوعات اليمني، مع تراجع حجم تحويلات المغتربين اليمنيين.

ويعد الغلاء وارتفاع الأسعار أهم السمات والأعراض التي شهدها الاقتصاد اليمني، خلال العام الماضي حيث سجلت أكثر من سبع جرعات سعرية جديدة في الوقود، إضافة إلى ارتفاع أسعار السلع الغذائية بأكثر من ثلاثين في المائة، شملت الارتفاعات السعرية معظم المناطق اليمنية في العام 2022، مع ارتفاع أسعار صفيحة البنزين الواحدة بسعة 20 لتراً إلى 12 ألف ريال في مناطق الحوثي وتزيد على ذلك الضعف في مناطق سيطرة الحكومة الشرعية.

وشهدت قيمة العملة الوطنية تدهوراً مستمراً مع حالة من التذبذب خلال العام الماضي، حيث افتتح الريال اليمني العام 2022م، بمستوى 1020 ريالا مقابل الدولار، لينخفض بنحو مائتي ريال مع نهاية العام ليصل عند مستوى 1200 ريال للدولار، مع توقعات بانخفاض أكبر في العام الجديد في ظل تصاعد التحديات الاقتصادية الكبيرة.

وبينما لم يكن هناك أي تحسن في سعر صرف العملة المحلية التي استمرت بالاضطراب، ارتفعت حدة أزمة الجبايات المفروضة من قبل المليشيات الحوثية، ناهيك عن مزيد من القيود والتضييق الحوثي على القطاع الخاص واغلاق للأنشطة ومصادرة للممتلكات والشركات بذرائع متعددة.

صعدت المليشيا الحوثية خلال العام الماضي من وتيرة تحصيل الجبايات والاتاوات والتي شملت مزارعي المانجو والعنب والليمون، والكسارات والمدارس الخاصة، والمشافي، ومزارعي البن، وملاك المحال التجارية الصغيرة، كغيرهم من مختلف شرائح المجتمع التي لم تسلم من مقصلة الجبايات الحوثية، وتعرضوا خلالها للتنكيل والملاحقة والاختطاف لاجبارهم على دفع الاتاوات المقررة بشكل غير دستوري، في سلوك يتماثل مع نظام الملالي في طهران.

كما شهد العام الماضي تراجع فرص التشغيل مع ارتفاع نسبة البطالة إلى جانب عدم انتظام صرف رواتب الموظفين المدنيين الذين يتطلع جزء كبير منهم إلى أن يحمل عام 2023، أي بوادر أو مؤشرات لحلها بما يساهم في تحسين الأوضاع المعيشية المتردية وارتفاع عدد السكان الذين يعانون جراء انهيار الأمن الغذائي إلى نحو 20 مليون شخص منهم 17 مليونا بحاجة ماسة للمساعدات الإغاثية.

وفي الربع الأخير من العام الماضي صعدت المليشيات الحوثية من صراعها في الجانب الاقتصادي لتصل به إلى الذروة مع استهدافها لموانئ ومنشآت تصدير النفط والغاز في المحافظات المحررة والتي تسببت في وقف صادرات النفط والغاز وبالتالي حرمان الموازنة العامة للدولة من رافد مهم سيزيد من حجم المصاعب الاقتصادي خلال العام الجديد.

وبرزت مؤشرات هذه الصعاب مع تصريح رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي أن الحكومة تواجه خطر عدم صرف المرتبات خلال الأشهر القادمة مع توقف صادرات النفط والغاز، مع توقعات بتدهور جديد في قيمة العملة اليمنية، وارتفاع نسبة التضخم وتدهور القوة الشرائية للعملة الوطنية.

وفي مجال مكافحة الفساد كان العام الماضي شاهدا على عدد من الأحداث المرتبطة بتفشي الفساد في طرفي الصراع، حيث تم الكشف عن قضايا فساد حوثية في الصناديق الجديدة التي أنشأتها المليشيات، ناهيك عن فساد وابتزاز حوثي للمنظمات الإنسانية الدولية، واستحواذ وسرقة للمساعدات الانسانية، إضافة إلى سرقة للايرادات الحكومية وتحويلها لدعم المجهود الحربي مع الاستمرار في رفض صرف مرتبات الموظفين.

فيما كان الجانب الحكومي في المناطق المحررة يعاني من تفشي الفساد، مع استمرار غياب أي موازنة عامة للدولة والحساب الختامي، إضافة إلى ما تم الكشف عنه من فساد في مكتب رئيس الوزراء بقيمة خمسة وأربعين مليون دولار في مكتب رئيس الحكومة والتي هي عبارة عن فارق في أسعار الوقود الخاص بطيران اليمنية والتي تسببت في رفع أسعار التذاكر.

كما تداول ناشطون وثائق خاصة بفساد المنح الدراسية والابتعاث وتوزيعها على الأقارب والموالين، وفساد السفارات والقنصليات والبعثات اليمنية في الخارج والتي يرزح فيها موظفون انتهت فترتهم القانونية، ناهيك عن أن العشرات منهم تم تعيينهم بالمخالفة وبناءً على اعتبارات سياسية من خارج السلك الدبلوماسي وفي دول لا يوجد فيها جاليات يمنية، وتتكبد الخزينة العامة للدولة ملايين الدولارات لتسديد رواتبهم وبدلات السكن والمواصلات الخاصة بهم.