ملابس العيد.. الحرب والفساد يسرقان السعادة من وجوه أطفال اليمن
في الوقت الذي يترقب نحو ملياري مسلم في العالم، صبيحة يوم عيد الفطر لعيش لحظات سعادة، هناك أكثر من نحو 30 مليون شخص في اليمن يندبون حظهم العاثر في بلد طحنته حرب ضروس لثماني سنوات، وفساد حكومي ينخر كالسوس، حتى بات حصول طفل على قطعة قماش جديدة أو لعبة يبتهج بها صبيحة يوم العيد ضرباً من الخيال.
في عدن، جنوبي البلاد، حيث تتكئ الحكومة، المعترف بها، على عرش السلطة، أحوال مئات الآلاف من المواطنين غير موعودة بالسعادة، واكتظاظ أسواق بيع وشراء الملابس والأحذية، بصورة يومية بآلاف المتسوقين، طواف حول مبتغى بعيد المنال بالنسبة لهم وأطفالهم، فمثلما يدخلونها يغادرونها إلا القليل منهم.
نبيل محمد صالح -موظف حكومي- يتقاضى راتبا شهريا 65 ألف ريال، قال إن لديه أسرة تضم أربعة أفراد، أحدهم ولد، وقف عاجزا عن توفير كسوة العيد لهم.
وأضاف في حديث لوكالة خبر، سعر البنطلون الواحد "ولادي" يتراوح بين (15- 20) ألف ريال، ومثله القمصان والاحذية، مشيرا إلى أن أسعار الملابس النسائية أضعاف ذلك، وهو ما يعني حاجته لأكثر من 150 ألف ريال، لتوفير كسوة عيد من النوع المتوسط (أي ما يفوق ضعفي راتبه الشهري).
وأكد متسوقون أنهم يجوبون يوميا بحثا عن اقتناص قطعة قماش يتناسب سعرها مع امكانياتهم، وكأنهم في رحلة صيد يترقبون طريدة.
ضعف القدرة الشرائية عصف بجميع المواطنين، فبينما يشكو الموظفون الحكوميون المدنيون الذين رواتبهم في الغالب تتراوح بين (52 - 65) الف ريال، هناك من ليسوا موظفين حكوميين من الأساس، وهذه الشريحة تمثل السواد الاعظم، وبالكاد تغطي قوت يومها من العمل بالأجر اليومي وما تقدمه المنظمات العاملة في البلاد من فتات.
المعاناة تتفاقم أكثر بالنسبة للموظفين والمواطنين المتواجدين في مناطق سيطرة مليشيا الحوثي، في ظل انقطاع صرف الرواتب الحكومية لأكثر من خمس سنوات، واستمرار ارتفاع أسعار المواد الغذائية والاحتياجات الاساسية، وهو ما أكده سكان محليون في صنعاء، ذمار، عمران، إب وغيرها.
وفي السياق، يؤكد مالكو محال بيع الملابس والأحذية لوكالة خبر، أن نسبة البيع تتراجع سنويا بشكل مقلق، فالحرب دفعت أكثر من ثلثي سكان البلاد إلى حافة المجاعة، وأغلب السكان باتوا يصارعون من أجل الحصول على لقمة العيش لا اكثر.
في الوقت نفسه، يقول فيدل صالح -موظف قطاع خاص- إن الرواتب لم تعد تغطي احتياجات الأسرة الأساسية من طعام وشراب، بعد أن فقدت من قيمتها ما يزيد عن 500% مقارنة بالعام 2014 الذي يسبق الحرب في البلاد.
وأضاف، وفي مثل هذه المناسبة التي اعتاد الأطفال والكبار على شراء الملبوسات الجديدة والتباهي بها أمام الآخرين، يعاني الآباء من ضغوط نفسية كبيرة تدفع البعض إلى ارتكاب جرائم الانتحار أو القتل، حينما يعجزون عن توفير احتياجات أبنائهم.
وذكر بعض أولياء الأمور، أن بعض المؤسسات والمنظمات المحلية الخيرية خففت العبء على عشرات آلاف الأسر، إلا أن عددها قليل جدا مقارنة بعدد الأسر الفقيرة والمحتاجة، داعين البقية إلى التفاعل ومد يد المساعدة والعطف.
وتشتد حدّة الأزمة الاقتصادية في البلاد، مع تغول الفساد في قطاعات الدولة، وعدم اكتراث الجهات الحكومية بمآلات الوضع المتردي، لا سيما والعملة المحلية خسرت من قيمتها منذ بداية الحرب قرابة 600%، وفقد مئات آلاف الموظفين الحكوميين والمدنيين وظائفهم، وآثار موجات النزوح والتنقل من منطقة إلى أخرى ومحافظة إلى أخرى هروبا من شبح الموت.