نكبة 11 فبراير وإرهاصات ما قبل الكارثة

يظن البعض من السياسيين والمثقفين والعامة أن فوضى 11 فبراير 2011 كانت عبارة عن أحداث عفوية وغير منظمة وكانت ثورة شعبية شبابية سلمية الهدف منها إزالة الفساد والتغيير نحو الأفضل وغير ذلك من التصورات الخاطئة.. وهذا الطرح غير صحيح جملة وتفصيلاً، حيث إن إسقاط الدولة اليمنية كان هدفاً استراتيجياً لبعض القوى السياسية المدعومة من الخارج، وقد بدأ هذا المخطط الخياني الكبير يلوح في الأفق منذ سنوات طويلة وتوج بمؤامرة وخيانة ونكبة 11 فبراير 2011 الذي أدى إلى إسقاط الجمهورية وإدخال البلاد في حروب سياسية وعقائدية ومناطقية وأوضاع اقتصادية مأساوية ما زالت مستمرة وتتفاقم حتى اليوم.

المقدمات والإرهاصات التآمرية بدأت قبل حلول كارثة 11 فبراير 2011 بسنوات طويلة وذلك من خلال تنفيذ عدد من العمليات الإرهابية والاغتيالات السياسية وضرب السياحة وتفجير أنابيب النفط وقطع التيار الكهربائي بطرق وأساليب تخريبية والتلاعب بالعملات الصعبة وتقديم الدعم السياسي والإعلامي للمتمردين الحوثيين في صعدة والتحريض الواضح والصريح ضد الدولة وخلق ونشر الشائعات والأكاذيب المدروسة بهدف خلخلة صفوف المجتمع وتهيئة الظروف المختلفة للانقضاض على المعسكرات وكافة المؤسسات الرسمية في كافة المحافظات اليمنية.

إلى جانب حشد كل أطياف المعارضة السياسية وحتى التنظيمات الإرهابية وتأليب الرأي العام في الداخل والخارج من أجل إسقاط النظام السياسي للجمهورية اليمنية بكل رموزه واركانه ومؤسساته الدستورية بدعم ورعاية من بعض السفارات والقنصليات الأجنبية في صنعاء التي كانت ترى في النظام السياسي السابق للجمهورية اليمنية والرئيس الأسبق علي عبد الله صالح، رحمه الله، قوى مناهضة للهيمنة الأميركية في المنطقة العربية والشرق الأوسط إلى جانب الرفض الحقيقي الصارم للتطبيع مع الكيان الصهيوني في الأراضي الفلسطينية المحتلة.

اليوم وبعد تنفيذ المخطط التخريبي ومرور ثلاثة عشر عاما من النكبة لم يعد في اليمن شيء يرمز إلى وجود الدولة والجمهورية والوحدة الحقيقية ولا حتى للسيادة الوطنية على جميع الأراضي والأجواء والمياه الإقليمية وأصبحت البلاد بفعل العمالة والخيانة والمناكفات السياسية والحقد والكراهية وغياب رجال الدولة تحت الوصايا الدولية والداخل لليمن مفقود والخارج منها مولود كما يقال في الأمثال، والسبب انتشار الجريمة وعدم وجود الأمن والأمان والاستقرار، وفي الجانب الحقوقي والحريات والرأي والرأي الآخر انتهى كل شيء في هذا الجانب وأصبحت مثل هذه الأمور من ذكريات الماضي الجميل وفي الجانب المعيشي والخدمات العامة لم يعد هناك كهرباء ولا مياه ولا صحة ولا تعليم صحيح وأصبح المواطن البسيط يعيش في فاقة شديدة وفقر مدقع ومرض ومعاناة شديدة لا حصر لها وأكثر السكان اليوم يعيشون تحت رحمة المنظمات الأجنبية وما تقدمه من صدقات ومساعدات إغاثية بسبب الحرب وانعدام الأشغال وارتفاع نسبة البطالة والركود الاقتصادي الحاصل وارتفاع اسعار الوقود والسلع المستوردة لارتباطها بالدولار الأمريكي الذي وصل سعره إلى 1662 والسعودي إلى 437 مقابل الريال اليمني.

إن التغيير الحقيقي نحو الأفضل لم ولن يكون أبداً بالخيانة والفوضى وتخريب الأوطان والكذب والخداع والتضليل والخروج على الحاكم المسلم قال الله تعالى: {إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم}.