واشنطن سلمت بالأمر الواقع.. اليمن يرتّب أوراق مرحلة ما بعد استقالة هادي

تبدو الحالة اليمنية حافلة بالكثير من المفاجآت، فإلى جانب التحرك السريع في العاصمة صنعاء باتجاه ترتيب خيارات ما بعد استقالة الرئيس الانتقالي عبدربه منصور هادي، حملت ردود الفعل الأولية على تلك الخطوة، إشارات صريحة إلى تسليم القوى الدولية المؤثرة في الشأن اليمني، بطبيعة الأمر الواقع الذي أعقب تطورات الثلاثة الأيام الماضية في العاصمة صنعاء. وقد برزت أولى تجليات ذلك بتصريح للمتحدث باسم البيت الأبيض، جوش انرست، جاء فيه: "ليس من الواضح إن كانت إيران تسيطر على الحوثيين".

ففيما بدا مؤشراً على تغير في الحسابات الدولية، تبعاً للتغيرات السياسية والميدانية في اليمن، أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية، على لسان المتحدثة باسم وزارة الخارجية جنيفر بساكي "تأييد انتقال سياسي سلمي في اليمن".
وأعربت بساكي، عن أمل واشنطن باستمرار الحوار بين مختلف الأطراف اليمنيين، لأنه "السبيل الوحيد، في رأينا (واشنطن) لنزع فتيل التوتر على الأرض".

وجاء الموقف الأمريكي من الأحداث في اليمن، متسقاً إلى حد ما مع تحركات سياسية تجري في الأثناء، لجهة رسم ملامح فترة جديدة، ودخول اليمنيين عملياً مرحلة ما بعد حكم الرئيس المستقيل(هادي).

وبعكس الجدل الذي أعقب تقديم حكومة بحاح استقالتها بالتزامن مع تقديم هادي استقالته لرئيس البرلمان، وبروز مخاوف من فقدان السيطرة على الواقع ودخول اليمن في فراغ دستوري، شهدت الساعات التي أعقبت الاستقالات، حراكاً سياسياً على مستوى الأحزاب والقوى السياسية لجهة احتواء الوضع، وبلورة آلية سياسية تضمن عبوراً آمناً من الأزمة.

والراجح، في الأثناء، أن القوى الفاعلة في الداخل اليمني، أنهت عملياً ترتيب أوراق فترة ما بعد استقالة هادي.

ولأن كانت جهات مستاءة من التطورات الدراماتيكية الأخيرة، بما فيها استقالة حكومة خالد بحاح والرئيس المؤقت هادي، سارعت إلى زعم انتهاء العملية السياسية في اليمن، جاء بيان الخارجية الأمريكية مواكباً للحراك السياسي في صنعاء، بشأن هندسة ملامح الفترة المقبلة، واحتواء تداعيات تلك الخطوة.

في هذا السياق أعلنت جماعة الحوثيين "أنصار الله"، عن إجراءات حثيثة لنقل السلطة، خلال الأيام المقبلة، بطرق ديمقراطية تلتزم الشراكة مع القوى المختلفة، وهي خطوة تُضيق خيارات الجهات – داخلية وخارجية - الممتعضة من الأحداث الأخيرة، فيما تدفعها إلى التكيف مع الوضع الجديد والانخراط فيه.

وفي وقت سابق، أكد مصدر رفيع في البرلمان لوكالة "خبر"، أن المجلس سيعقد جلسة الأحد لاتخاذ موقف من استقالة الرئيس هادي، فيما أفادت مصادر سياسية بأن جلسة موسعة لأعضاء مجلسي النواب والشورى ستعقد، الأحد، بهذا الخصوص.

ويتوقع أن تمضي الأمور في اليمن، بعد استقالة هادي وبحاح، باتجاه مفاوضات سياسية، ستفضي إلى خارطة طريق لتجاوز الأزمة الحالية، وإعادة العملية السياسية إلى مسار التسوية، بعد الانحراف الناجم عن أداء الرئيس المستقيل، على مدى ثلاثة أعوام من المرحلة الانتقالية.

وتركز الجدل في غضون استقالة هادي، عن المسار القانوني للتعامل مع هكذا حالة طارئة، وكيف ينظم الدستور اليمني أمر نقل السلطة حال خلو منصب رئيس الجمهورية.

ويقضي الدستور الحالي، بتولي نائب الرئيس منصب الرئاسة، وفي حالة عدم وجود نائب للرئيس - وهو الأمر القائم في اليمن قبيل استقالة هادي - يتولى المنصب رئيس مجلس النواب وفق المادتين 115 و116.