خطة ماسك لاستيطان المريخ.. ما قصة "الصاروخ الوحش"؟

تخطط شركة "سبيس أكس" التي يمتلكها الملياردير الأميركي إيلون ماسك لإطلاق أكبر وأقوى صاروخ في العالم عشرات المرات سنويا من منطقة أصبحت مزدحمة بالناس وسفن الرحلات البحرية منذ عصر أبولو.

يطلق على الصاروخ الذي يبلغ ارتفاعه حوالي 400 قدم عند الإقلاع، أي أكبر من تمثال الحرية، اسم "ستارشيب"، وهو في قلب خطة وكالة الفضاء الأميركية "ناسا" للعودة إلى القمر وطموح ماسك لاستيطان المريخ.

وتريد "سيبس أكس" إطلاقه عشرات المرات سنويا من كيب تاون في السنوات القادمة، وهي منطقة يطلق عليها "ساحل الفضاء" حيث تكثير فيها أشجار النخيل ومنصات الصواريخ وتتميز بسفن المحيطات الضخمة في ميناء كانافيرال.

لكن سكان مقاطعة بريفارد تضاعف من 22 ألفا في عام 1950 إلى أكثر من 600 ألف نسمة حاليا، مما أثار مخاوف تتعلق بالضوضاء الصاخبة والاهتزازات المصاحبة للصاروخ العملاق حين إطلاقه. 

ومن المقرر أن تحتوي المركبة الفضائية على حوالي 35 محركا دافعا ستطلق ما يصل إلى 23 مليون رطل من القوة عند الإقلاع. وهذا يعادل تقريبا قوة دفع 160 طائرة بوينغ 787 تقلع في وقت واحد من نفس الموقع تماما، وفقا لأستاذ الفيزياء في جامعة بريغهام يونغ كينت جي، الذي يدرس تأثيرات الصواريخ على البشر والبيئة، بحسب ما تنقل عنه صحيفة "وول ستريت جورنال".

"الكأس المقدسة"

تعمل سبيس إكس منذ أكثر من 10 سنوات على ستارشيب، والتي سماها ماسك "الكأس المقدسة لتكنولوجيا الفضاء" التي من شأنها أن تعزز "ثورة عميقة" في الوصول إلى المدار.

ويهدف ماسك إلى استيطان المريخ من خلال هذا الصاروخ العملاق.

وقال ماسك لموظفي سبيس أكس هذا الربيع، وفقا لمقطع فيديو نشرته الشركة على الإنترنت، "ستارشيب هو المفتاح لجعل الحياة متعددة الكواكب. قد ينتهي به الأمر إلى أن يكون أهم شيء نقوم به على الإطلاق".

يبلغ ارتفاع صاروخ ستارشيب 397 قدما ويبلغ قطره 29.5 قدمًا، وهو أكبر صاروخ تم صنعه على الإطلاق، بجسب موقع "سبيس أكس".

أجرت الشركة أربع رحلات تجريبية لمركبة ستارشيب حتى الآن، وأطلقت الصواريخ من مجمعها بالقرب من براونزفيل، تكساس. مع كل إطلاق، أحرزت سبيس أكس تقدما.

وفي أحدث إطلاق، نجحت مركبة "ستارشيب" الفضائية لأول مرة في يونيو الماضي بالهبوط في المحيط الهندي، على ما أعلنت شركة "سبيس أكس"، بعد رحلة تجريبية استمرت لنحو ساعة.

لكن خلال مشاهدة البث المباشر للعملية، يمكن رؤية أجزاء تتطاير من المركبة قبيل إنهاء مسارها في المحيط الهندي.

وكان الصاروخ قد أطلق من قاعدة ستاربايس التابعة لـ"سبيس أكس" في بوكا تشيكا في أقصى جنوب تكساس.

وكان أحد الأهداف الرئيسية للرحلة هو العودة للغلاف الجوي الأرضي بشكل مضبوط أكثر مقارنة مع الاختبارات السابقة التي انتهت بانفجارات.

وتستمر أعمال تطوير "ستارشيب" بوتيرة قوية من جانب شركة ماسك التي تطلق سريعاً نماذج أولية من دون حمولة، من أجل تصحيح أي مشكلات أثناء الطيران في أسرع وقت.

وينبغي في النهاية أن تُستخدم "ستارشيب" لنقل رواد الفضاء التابعين لناسا إلى القمر، للمرة الأولى منذ العام 1972. ولهذا السبب، تتابع ناسا من كثب تطوير هذا الصاروخ.

وهنأ رئيس ناسا بيل نيلسون سبيس أكس "على هذه الرحلة التجريبية الناجحة لمركبة ستارشيب. حققنا خطوة إلى الأمام نحو عودة البشر إلى القمر".

ويتألف الصاروخ من طبقتين: طبقة الدفع في المركبة المسماة "سوبر هيفي بوستر"، وفوقها المركبة الفضائية التي تحمل اسم الصاروخ نفسه.

وبعد دقائق من الإقلاع، انفصلت طبقة "سوبر هيفي" عن الصاروخ وعادت إلى الأرض. وهبطت بنجاح للمرة الأولى في خليج المكسيك، بحسب "سبيس أكس".

وتابعت المركبة رحلتها حتى وصلت إلى الفضاء. وبعد نحو ساعة، عادت بدورها إلى الغلاف الجوي للأرض بسرعة تقرب من 25 ألف كيلو متر في الساعة. وسببت هذه السرعة احتكاكاً يمكن أن يرفع درجة الحرارة إلى نحو 1400 درجة مئوية، وفق موقع الشركة.

وأظهرت صور التقطتها كاميرات مثبتة على المركبة طبقة من البلازما تشكلت حولها. وقال أحد المعلّقين من "سبيس أكس" قبل وقت قصير من الهبوط "يمكننا أن نرى تطاير أجزاء من المركبة".

وخلال رحلته الأخيرة قبل هذه الرحلة بثلاثة أشهر، تجاوز الصاروخ حدود الفضاء، لكنه توقف عن إرسال إشارات بعد 49 دقيقة من إقلاعه، عند عودته إلى الأرض.

وتخطط "سبيس أكس" لإطلاق تجربة خامسة أواخر الشهر الجاري أو أوائل سبتمبر بحسب موقعها. 

وتعوّل ناسا على "ستارشيب" في مهمتها "ارتيميس 3" المرتقبة سنة 2026، إذ ستستخدم مركبة "ستارشيب" بنسخة معدلة كمركبة هبوط.

غضب الصيادين والطيارين

يشعر الصيادون التجاريون وطيارو الخطوط الجوية بالغضب الشديد إزاء إطلاق صواريخ ستارشيب، والتي من شأنها إغلاق المجال الجوي والمحيطي على طول ساحل فلوريدا لساعات قبل وبعد الإقلاع.

وقالت إدارة الطيران الفيدرالية إن "سبيس أكس" تسعى إلى إطلاق "ستارشيب" حتى 44 مرة في السنة من منصة إطلاق "ناسا" في ميناء "كيب كانافيرال". وبشكل منفصل، يمكن إطلاقه لما قد يصل إلى 76 مرة سنويا من منصة إطلاق قريبة تابعة لقوة الفضاء، وفقا لأشخاص مطلعين على مراجعة بيئية تجريها المؤسسة العسكرية مرتبطة بهذه الخطة.

وانتقد جوي سبويرل، الذي يدير ثلاثة قوارب صيد تجارية في ميناء كانافيرال هذه الخطة، مشيرا إلى أنه لا يمكن الصيد عندما يكون هناك إطلاق لصواريخ الفضاء.

وكتب الكابتن ستيف غانجيليس، وهو طيار في شركة دلتا، رسالة إلى إدارة الطيران الفيدرالية يقول فيها إن الهيئة يجب أن تفكر في التأثير الذي قد تحدثه عمليات إطلاق صواريخ ستارشيب على استخدام وقود الطائرات والانبعاثات. 

وبحسب رابطة طياري الخطوط الجوية، أغلقت إدارة الطيران الفيدرالية ما يصل إلى 250 ميلًا بحريًا من المجال الجوي لعمليات الإطلاق وإعادة دخول الصواريخ المعززة، مما أجبر شركات الطيران على إعادة توجيه الرحلات الجوية.

كما تشعر شركة بلو أوريجين، وهي شركة الصواريخ التي يدعمها مالك أمازون جيف بيزوس وتحالف يونايتد لونش، وهو المشروع المشترك بين بوينغ ولوكهيد مارتن، بالقلق أيضا بشأن هيمنة سبيس أكس على البنية التحتية والموارد في كيب كانافيرال.