هذا ما يحدث في واشنطن مع "الحليف السعودي" و "المملكة "المارقة"

خبر للأنباء - ترجمة خاصة/ فارس سعيد

صوت أعضاء مجلس الشيوخ لتمرير صفقة كبيرة من الأسلحة للسعودية رافضاً مشروعاً بتعليق البيع بسبب الاستخدام غير المسئول للأسلحة الأمريكية في الحرب على اليمن، لكنهم عادوا في الأسبوع التالي ليصوتوا أن المملكة "تستحق" أن تدفع تعويضات مالية كغرامة على أسوأ عملية قتل جماعي تعرضت لها الولايات المتحدة.

نشرت صحيفة "ناشيونال إنترست" الأمريكية، (الخميس 29 سبتمبر/أيلول 2016)، مقالاً كتبه دانيال دي بيرتس، المحلل السياسي ومراسل الصحيفة ناشيونال وشبكة CNN تحت عنوان "العلاقات السعودية الأمريكية المتناقضة" استعرض التطورات الأخيرة التي شهدتها الولايات المتحدة وإلغاء الكونغرس لفيتو الرئيس أوباما على قانون "العدالة ضد رعاة الإرهاب" بعد تمرير الشيوخ صفقة أسلحة كبيرة للسعودية رافضاً مشروعاً لتعطيلها.

تقول الصحيفة، إن مجلس الشيوخ وافق على بيع الأسلحة للسعودية التي تسخدمها في اليمن ثم مرر قانوناً يتهمها برعاية الإرهاب.

معلقة بالقول، إن الأمر لا يسير بشكل جيد بين البلدين على صعيد السياسة الخارجية.

في أسبوع، كما تقول الصحيفة، كان ينظر إلى السعودية كأهم حليف حيوي للولايات المتحدة في منطقة تمزقها الصراعات والحرب الأهلية والإرهاب.. ودعمتها بالأسلحة لمواصلة الحرب في اليمن.

وفي الأسبوع الذي يليه، أصبحت المملكة هي الدولة المارقة التي ترعى وتصنع الإرهاب الدولي الذي تقاتله الولايات المتحدة في آخر 15 عاماً.

وفي أسبوع، صوت أعضاء مجلس الشيوخ بالثقة للسعودية لاستخدام الأسلحة الأمريكية بمسؤولية في اليمن، لكنهم عادوا في الأسبوع التالي ليصوتوا أن المملكة تستحق دفع تعويضات مالية كغرامة على أسوأ عملية قتل جماعي تعرضت لها الولايات المتحدة منذ الحرب الأهلية.

وتم تجاوز فيتو أوباما للمرة الأولى خلال 7 سنوات ونصف منذ تولى رئاسة البيت الأبيض، وتم إجباره على تنفيذ قانون يرفضه "العدالة ضد رعاة الإرهاب" أو "جاستا".

وتجاوز كل من مجلس الشيوخ ومجلس النواب نسبة الثلثين المطلوبة للتصويت برفض الفيتو بسهولة، حيث بدأ مجلس الشيوخ بالتصويت بنسبة 97 لـ 1 ضد أوباما لصالح "جاستا". وتبعه مجلس النواب سريعاً بفارق كبير جداً لصالح مشروع القانون بنسبة تصويت بلغت 348 لـ 77.

وتتابع الصحيفة بالقول: وضع أعضاء مجلس الشيوخ أنفسهم موضع المدافعين عن حقوق هؤلاء الذين أصيبوا أو قتل ذووهم في الهجمات الإرهابية، ويبدو أنهم غافلون أن أفعالهم تتسم بالفصام إلى حد ما.

مشيرة أنه، في الوقت الذي تجاهل فيه مجلس الشيوخ اعتراضات أوباما على "جاستا"، فإنهم هم أنفسهم قد رفضوا اقتراحاً من عضوي المجلس راند باول وكريس ميرفي لإيقاف عملية بيع أسلحة بقيمة 1.15 مليار دولار تشمل دبابات أبرامز وذخيرة إلى الرياض بسبب استخدامها في قصف المدنيين اليمنيين.

هنا يبرز الحديث عن "الانتقائية الأخلاقية"، تقول الصحيفة، فلا يمكن تفسير بيع هذه الكمية من الأسلحة الثقيلة لبلد وصفت في الأسبوع الذي يليه بواسطة الكونغرس كراع لأسوأ هجوم إرهابي على الأرض الأمريكية.

وكان السيناتور راند باول، قد سأل، وله الحق في ذلك، خلال مناقشة الأسبوع الماضي حول اقتراحه "هل هناك أحد يشعر أن الأمر مثير السخرية؟!"، هذا بالفعل هو تعريف السخرية: أن توافق على عقد تسليح للسعودية بأكثر من مليار دولار، وهي نفس الدولة التي قرر نفس المشرعون أنها تستحق المقاضاة عن جرائم تتعلق بالإرهاب. هذا شيء غير منطقي بكل معنى الكلمة. فهذا يشبه أن يقوم شخص ما بسطو مسلح على منزل ويسرق كل شيء، ثم يأتي في اليوم التالي لأصحاب البيت ليطلب منهم أن يكونوا أصدقاء.

وترى الصحيفة، أن واشنطن ترسل رسائل مختلطة إلى واحدة من حلفائها الأكثر أهمية في المنطقة. مضيفة، إذا كان الملك سلمان والأمير محمد ولي العهد والمسؤولون السعوديون يشعرون بالارتباك حول المشهد ولا يعرفون في أي جانب تقف الولايات المتحدة من بلادهم، فلن يكونوا وحدهم. فمن الصعب جداً على الأمريكيين، الآن، معرفة ماذا يدور في عقول ممثليهم المنتخبين، ناهيك عن السعوديين في النصف الآخر من العالم.

ويصل مقال دانيال دي بيرتس، في "ناشيونال إنترست" إلى القول إنه، لربما أراد أعضاء مجلس الشيوخ، الذين صوتوا لرفض اقتراح باول ومورفي على عدم تسليح السعودية لقصفها المدنيين في اليمن، فعل ذلك في إطار مسك العصا من المنتصف وتسهيل وقع تصويتهم بعد ذلك ضد السعوديين ولصالح أسر ضحايا 11 سبتمبر/أيلول، حين يأتي الدور على "جاستا". وربما فكر أعضاء المجلس أن يسعدوا الرياض كحليف كبير يستحق الدعم العسكري من الولايات المتحدة، ولكن بعد ذلك يجعلون أرامل وأيتام ضحايا الهجمات سعداء من خلال الوقوف إلى جانبهم بعدها بأيام.

قبل أن يقرر: لم تكن تلك المرة الأولى التي يقوم بها رجال التشريع بمثل هذا النوع من الحسابات، وبالتأكيد لن تكون الأخيرة، فواشنطن هي مدينة الصفقات.