المواجهة بين روسيا وأمريكا تخرج عن نطاق سيطرة الأطراف

* مقال بقلم رئيس مركز المعلومات السياسية في موسكو أليكسي موخين، نشرته صحيفة "أرغومينتي إي فاكتي" الروسية ويعاد نقلا عن (RT) بالعربية.

توقع نائب وزير خارجية روسيا سيرغي ريابكوف أن يستمر النهج المعادي لروسيا حتى في ظل الإدارة الأمريكية المقبلة، وهذا يشمل بقاء العقوبات. وبحسب قوله، ستواجه روسيا درجة عالية من الخمول في السياسية الأمريكية تجاه روسيا، وستبقي على العقوبات التي فرضتها إدارة أوباما سابقا، وتهدد بفرض عقوبات جديدة في ختام ولايتها.

ولقد أصبح التفكك المفاجئ للاتحاد السوفييتي مشكلة جدية للجميع، وتحديا لم يصمد أمامه إلا القليلون ممن ساهموا في العملية. فالصين ارتاحت بهدوء لانهيار جارها الشمالي، على أمل أن ترث فكرة الشيوعية وتحتكرها. وهنا نشير مباشرة إلى أن هذا لم يحدث، بل اضطرت إلى انتهاج طرق السوق الحرة للوصول إلى المستهلكين.

أما الولايات المتحدة، فسجلت لنفسها الانتصار في "الحرب الباردة"، ولا تزال واقعة تحت تأثير التنويم المغناطيسي الذاتي، لذلك فهي تتصرف مع شركائها الروس بغطرسة.

وعموما، فالصراع الحالي بين روسيا والولايات المتحدة هو مبارزة مؤجلة من عام 1991، أي هو صدى للحرب الإعلامية–الإيديولوجية، التي دارت منذ زمن بعيد بين الماضي الرأسمالي والمستقبل الشيوعي. والمثير هنا أنه لا يُعرف بالضبط من المنتصر فيها.

لقد تبين أن صورة الاتحاد السوفييتي قوية إلى درجة أنها لا تزال قائمة حتى اليوم بعد مضي 25 سنة على نهايته، وهي تؤثر في المجتمع الغربي الذي يستسلم طوعا لهذه الصورة الراسخة.

أما الصين في هذه المبارزة، فتلعب دور شاهد عيان، على أمل الحصول بنتيجتها على امتيازات اقتصادية وسياسية جدية. ولكن من الصعب عليها الامتناع عن تبادل الضربات، لأن الحديث عمليا يدور عن مواجهتها هي مع الولايات المتحدة. فقد كانت روسيا حتى الآن ساحة الصراع، ولكن اتضح أن هذا الصراع ينتقل ببطء وثبات إلى أوروبا، التي من دونه تعاني القارة العجوز من أزمة الهوية تحت ضغط تدفق المهاجرين الإسلاميين.

ومع ذلك، وعلى الرغم من الحذر في تحول خط الصراع إلى الولايات المتحدة–الصين رغم عدم وضوحه بصورة جلية حتى الآن، فإن "إطلاق الشرار" بدأ في إطار نموذج العلاقة بينهما. فالولايات المتحدة تنظر إلى الصين كمنافسة، على الرغم من الارتباط الذي بين اقتصاديهما. وهي اختارت روسيا كما يبدو، كـ "حلقة ضعيفة" وضحية لتكون عبرة مخيفة للصين.

وعموما، يبدو أن عملية المواجهة تخرج عن نطاق سيطرة الأطراف. فخطوط جبهة الحرب الإعلامية غير مرئية، لذلك فإن الصراع يظهر في أماكن غير متوقعة. ومن المرجح أن نخضع لاختبار معلوماتي عالمي وتدمير "برجين توأمين" جديدين، لفتح "بوابة معلوماتية أخرى في جهنم"، حيث يكفي أن ننظر إلى السهولة التي تستخدم في توجيه الاتهامات من دون أدلة، وكيف ينال من سمعة وهيبة الأشخاص والبلدان.

لقد أولد هذا الوضع غيابُ من يقف بوجه تصرفات الولايات المتحدة وحلفائها، في حين أن روسيا والصين تدعوان إلى الالتزام بالقانون الدولي وتشجبان العدمية القانونية التي يمارسها خصومهما. ويتضح أنه لمنع تصعيد التوتر يجب بقاء الجميع من دون استثناء ضمن نطاق القانون.

إن عدم وجود متحمسين في الولايات المتحدة لتحسين العلاقات مع روسيا، لن يسمح حتى بعد الانتخابات الرئاسية بالتفاؤل بتشغيل هذه العلاقات من جديد. ولكن حمأة معاداة روسيا سوف تهدأ تحت تأثير أسباب برغماتية بحتة.