بمساعدة قطر.. مليشيا الحوثي تعاود تجنيد اللاجئين الأفارقة إجبارياً لتعويض النقص في صفوفها

عاودت مليشيات الحوثي من جديد تدعيم صفوفها بمقاتلين أفارقة من خلال تجنيدهم تحت الضغط والإجبار، والزج بهم للقتال في صفوفها في مختلف الجبهات، لتعويض الخسائر البشرية الكبيرة التي تكبّدتها في مختلف ميادين المواجهات.

ودشنت المليشيات، على مدى الأسبوعين الماضيين، حملات تجنيد جديدة إجبارية لشباب وأطفال أفارقة في العاصمة صنعاء ومناطق أخرى خاضعة لسيطرتها، بعد أن أثبتت فشلها الذريع في إقناع القبائل بمتابعة انخراط أبنائها في القتال معها.

وأكدت مصادر محلية بالعاصمة صنعاء أن المليشيات ترفد جبهاتها بمقاتلين أفارقة جدد مقابل إغراءات مالية تصل إلى ما بين 80 و100 دولار لكل مقاتل أفريقي ينخرط في القتال بصفوفها.

وعينت المليشيات الحوثية، مؤخراً، بحسب المصادر، مشرفين على عمليات التجنيد ممن لديهم خبرات باللاجئين الأفارقة، بهدف إتمام مهمة الحشد والتعبئة للاجئين وفرز وتصنيف المجندين وفق خبراتهم في حمل السلاح، ونقلتهم إلى الجبهات.

ووفق المصادر نفسها، شملت حملات التجنيد أفارقة من مختلف الأعمار من الموجودين بصفتهم لاجئين في عدد من أحياء صنعاء ومناطق أخرى خاضعة لسيطرة المليشيات.

وأشارت المصادر إلى أن معظم العناصر الذين حشدهم المتمردون ينتمون إلى الجنسيتين الإثيوبية والصومالية.

وتقوم المليشيات الحوثية بعد تسجيلهم بإجراء دورات تدريبية للمجندين الأفارقة الجدد، وعددهم يتجاوز الـ76 مجنداً، إلى جانب مجندين آخرين في أماكن سرية وغير مكشوفة ناهيك عن اتخاذ بعض منازل قيادات مليشياوية أماكن يتلقى فيها المجندون دورات ودروس شحن طائفي.

ونوهت المصادر أن قيادات حوثية من الصفين الثاني والثالث كثفت من زياراتهم حديثاً أحياء في صنعاء يقطنها لاجئون من جنسيات أفريقية، في محاولة جديدة منها لإقناعهم بشكل أو بآخر بالمشاركة فيما سموه الحشد البشري والتعبئة العامة للجبهات، مقابل مبالغ مالية ومساعدات غذائية ستمنحها الميليشيات لكل أسرة وافقت على رفد الجبهات بالمقاتلين.

وأوضحت المصادر أن المليشيات لم تقف عند الزيارات واقتحام المنازل فحسب؛ بل عمدت أيضاً إلى ملاحقة الشباب والأطفال الأفارقة الذين تركوا منازلهم هرباً منهم، وجرى خطف بعضهم من أماكن أعمالهم ببعض شوارع وأسواق صنعاء واقتيادهم إلى جهات غير معروفة.

وازداد عدد اللاجئين الأفارقة في الأراضي اليمنية خلال العامين الماضيين، رغم الحرب التي أشعلتها مليشيات الحوثي ودخلت عامها الخامس.

وقدرت المفوضية السامية لشؤون اللاجئين عدد اللاجئين الأفارقة الموجودين في اليمن بأكثر من 171 ألف لاجئ، معظمهم صوماليون وإثيوبيون وهو رقم يفوق تعداد من كانوا موجودين من قبل.

وتؤكد تقارير منظمات محلية يمنية ارتفاع عدد اللاجئين وطالبي اللجوء من دول القرن الأفريقي إلى أكثر مليون لاجئ، وهو العدد الذي تقول المفوضية في اليمن إنه يشكل حالياً موضع اهتمام من قبلها.

ويأتي لجوء المليشيات الحوثية لتجنيد اللاجئين الأفارقة الشباب والأطفال في الوقت الذي فشلت فيه مؤخراً، بحسب مراقبين، في إقناع اليمنيين بلانخراط في صفوفها والقتال في جبهاتها.

ويؤكد مراقبون أن جماعة الحوثي تعاني في الوقت الحاضر من أزمة حادة، تتمثل في نقص عدد المقاتلين المنضوين بصفوفها نتيجة اشتداد المعارك وإحراز المقاومة والقوات الحكومية تقدمات كبيرة بجبهات الضالع والبيضاء، الأمر الذي دفع بالمليشيات إلى الاستعانة بأعداد كبيرة من اللاجئين الأفارقة لإجبارهم على القتال معها.

ووفقاً للمصادر ذاتها، فإن الحوثيين استطاعوا تحت قوة الضغط والترهيب والإغراء بالمال والمساعدات الغذائية أن يكسبوا كثيراً من المقاتلين الأفارقة بمن فيهم صغار السن في صنعاء، ودفعهم بشكل إجباري نحو التجنيد والقتال في الصفوف الأمامية معهم.

وتؤكد مصادر طبية أن مستشفيات العاصمة صنعاء استقبلت منذ مطلع العام الحالي وحتى نهاية أبريل أكثر من 22 جثة لمجندين أفارقة بينهم أطفال، في حين استقبلت العام الماضي أكثر من 98 جثة لمجندين أفارقة من مختلف الأعمار لقوا حتفهم أثناء قتالهم بصفوف الجماعة بجبهات مختلفة كالحديدة وتعز والبيضاء وحجة غيرها.

ولم يقف الحد عند استغلال المليشيات الحوثية فاقة وظروف اللاجئين الأفارقة وإجبارهم بقوة السلاح وبالمال والمساعدات على الانخراط في صفوفها، بل سعت دولة عربية هي الأخرى، إلى لعب الدور ذاته من خلال استغلالها فقر وعوز سكان دول أفريقية بعضها مجاور لليمن، في تقديم الدعم المادي لهم مقابل تجنيدهم وإرسالهم للقتال بصفوف المليشيات الحوثية ضد التحالف بقيادة السعودية والإمارات.

وكشف مركز المزماة العربي للدراسات والبحوث، في تقرير صادر عنه، عن قيام أذرع تابعة لدولة قطر في الصومال، وتشاد، وإريتريا، ومالي، وإثيوبيا، ونيجيريا، بتشكيل شبكات سرية مهمتها استقطاب الشباب والجماعات شديدة الفقر والحاجة في تلك الدول، لتجنيدها وتدريبها عسكرياً وإرسالها بعد مدها بكل الإمكانات للقتال مع جماعة الحوثي في اليمن.

وعدّ المركز تلك الأعمال مشاركة قطرية فعلية للمليشيات في مسلسلها الإجرامي المستمر بقتل الشعب اليمني، وخيانة كبرى لليمنيين أولاً؛ وللأمة العربية والإسلامية بالدرجة الثانية، وعدتها انتهاكاً صارخاً لكل الأعراف والمعاهدات والقوانين الدولية واتفاقيات حقوق الإنسان.

وصنف المركز تلك التصرفات بـالأعمال الإجرامية، وقال إنها تدخل في نطاق المتاجرة بالبشر واستغلال فقر الناس وحاجتهم ودفعهم إلى محارق الموت.