سندخل الحديدة بالورود أو بالسلاح..!

عملت بريطانيا عندما احتلت عدن على طرد اليمنيين ومنعتهم من دخول مدينتهم أو العيش فيها، وقامت بتوطين وافدين من اثنيات مختلفة ومنحتهم امتيازات كثيرة لإحداث تغيير ديموغرافي في تركيبة السكان الحقيقيين لعدن، بعد أن نفت اليمنيين وحصرت نشاطهم في الشيخ عثمان ودار سعد مقابل منح الأجانب الأولوية في إدارة المدينة والتعليم وغير ذلك، وكرست هذه السياسة لأكثر من قرن، ومع ذلك فشلت في تحقيق أهدافها القذرة.

واضح أن الزهايمر يفتك بذاكرة بريطانيا، فلم تتعظ من فشل تلك السياسة التي سقطت أمام إرادة الشعب اليمني الذي خلط الحابل بالنابل ودخل عدن وأشعل ثورة وطنية في قلب المدينة انطلقت من داخل نقابات العمال ليشع نورها من جبال ردفان الشماء عام 1963م..

اليوم يحاول المبعوث الدولي البريطاني الجنسية مارتين غريفيث، أن يشرعن للحوثة احتلال مدينة وموانئ الحديدة، ويستجر تلك الأساليب القديمة التي عفا عليها الزمن، ويسعى واهماً وبتفكير عقيم فرض هذه السياسة القذرة في مدينة الحديدة، غير مستوعب المتغيرات الجديدة.

ببساطة.. أراد اليمنيون من اتفاق استوكهولم أن يدخلوا مدينتهم -مدينة الحديدة– بصورة حضارية حاملين الورود والفل وليس الأسلحة وأدوات العنف، لكن طالما خيب مبعوث الأمم المتحدة آمالهم، فلديهم أساليبهم الناجعة لتحقيق أهدافهم الوطنية.

قبول الحوثيين باحتلال الحديدة وإيهام بريطانيا بتحقيق حلم العودة لليمن، لا يختلف عن دور الفرس أو البينيان الذين مكنوا بريطانيا من احتلال عدن، ومن يساوره شك فيما نطرحه عليه أن يعود إلى نصوص اتفاق استوكهولم، الذي أكد على تسليم مدينة الحديدة وموانئها للشرعية، ونص بشكل صريح على أن يسحب الحوثي (مشرفيه) من أجهزة السلطة المحلية.

دعوكم من الشعارات الزائفة التي يرددها الحوثة، وتابعوا أفعالهم على الأرض.. فها هي الصفقة التي عقدوها مع المبعوث البريطاني لاحتلال مدينة وموانئ الحديدة تنفذ، خلافاً لاتفاق السويد.. فما يحدث تفريط واضح بسيادة اليمن واستقلاله، وهذا ما يرفضه الشعب اليمني ولن يسمح به، ويثق بالمقاومة المشتركة بإسقاط هذه المؤامرة.

لقد زعموا أنهم سلموا الموانئ لخفر السواحل، فلم يقبل الشعب بكل قواه بتلك المسرحية سواء القديمة أو الجديدة، وكذلك رفضها العالم، فهذه الفضيحة كشفت الدور القذر للحوثي وإصراره على التفريط بالسيادة اليمنية ليس فقط لصالح إيران وإنما لأي قوى غاشمة أو دولة طامعة.

إن مشكلة الشعب اليمني بمختلف مكوناته السياسية مع الحوثي منذ بداية الصراع كانت وما تزال بسبب تفريط هذه الميليشيات بسيادة اليمن، ومحاولة نزعه عن هويته العربية وتحويل اليمن إلى معسكر للحرس الثوري الإيراني وانطلاق مخططاته التآمرية وحوزة تدار من قبل ملالي قم.. هذه هي مشكلة شعبنا مع الحوثة.

ومن المهم التأكيد هنا أننا لا نفكر بعقلية مريضة، كما يفعل المبعوث الدولي البريطاني الجنسية، لأن اليمنيين جسدوا أروع صور التعايش مع الآخرين سواء البينيان أو الحوثيين أو اليهود أو غيرهم، لكن من المستحيل أن تصبح الحديدة اقطاعية لسلالة كهنوتية وتكون خارج سيطرة اليمنيين كما فعل الغزاة الانجليز ذلك في عدن، كما لا يمكن للمبعوث الدولي ومن يقف خلفه فرض حل بهذا النمط المتخلف، دون استيعاب للمتغيرات الداخلية والخارجية، وآخرها تأكيد مجلس الأمن واللجنة الرباعية التزامهم بالحفاظ على سيادة واستقلال ووحدة اليمن وضرورة انسحاب المليشيات من الحديدة وموانئها.

يمكننا القول بثقة إن الحضور القوي للمقاومة المشتركة في الساحل الغربي، بقدرما فوت الفرصة على الحوثي والمبعوث الدولي من استمرار العبث باتفاق السويد، فإن هذا الحضور يقف وراء التأكيدات الدولية التي شددت على ضرورة الشروع بسحب مليشيات الحوثي عناصرها من موانئ ومدينة الحديدة، وهي مواقف تعد بمثابة التزام للشرعية والمقاومة المشتركة بإعطاء فرصة أخيرة للحل السلمي..

إن المقاومة المشتركة ما تزال تحمل الورود بيد والسلاح باليد الأخرى.. ولن يطول انتظار شعبنا لتحرير عروس البحر الأحمر...!!