كيف استفادت إيران من فوضى "الربيع".. ومن القائد المكلف بالتواصل مع الحوثيين.. وما أهداف طهران في اليمن؟

*ترجمة عن "المعهد الدولي لمكافحة الإرهاب"

عملت إيران منذ الثورة الإسلامية في عام 1979، بشتى الوسائل الممكنة لتعزيز مصالحها في الشرق الأوسط، بما في ذلك توسيع مجال نفوذها داخل المجتمعات الشيعية، التي تمكنت من تسخيرها لمصالحها.

وقدمت فوضى "الربيع العربي" فرصة عظيمة لإيران، حيث قامت قوة فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، بتأجيج الاضطرابات المدنية والثورات والفوضى التي أعقبت ذلك لتوسيع نشاطها داخل المنطقة.

ويقدم هذا التقرير تحليلا دقيقا لأنشطة إيران عبر الحرس الثوري الإيراني في اليمن وهي الأولى في سلسلة من التحليلات الموسعة التي تدرس تدخلات إيران، وكذلك فروعها ووكلائها في الشرق الأوسط.

لدى إيران مجموعة متنوعة من المصالح في اليمن تتجلى من خلال المشاركة المباشرة وغير المباشرة في الحرب التي دمرت البلاد منذ مارس 2015، وما قبلها منذ اجتياح الحوثيين العاصمة صنعاء في 2014. بيد أن الحرب التي اندلعت بين الحوثيين بدعم من إيران وبين تحالف عربي بقيادة المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، هو رابط آخر في سلسلة من الحروب التي كانت جزءاً من الحياة في اليمن منذ نشأتها.

تصب الفوضى التي نشاهدها الآن باليمن في صالح إيران، التي تعتقد ظنا منها أنه مع استهداف السعودية الضحايا المدنيين، فإن الحوثيين سيكسبون المزيد من الدعم الداخلي والدولي.

عانى اليمن فترات من عدم الاستقرار، بما في ذلك الصراعات الداخلية وعدة جولات من الأعمال العدائية. بدأت الجولة الحالية من العنف في يونيو 2011 كجزء من فوضى "الربيع العربي" وتجلت من خلال مظاهرات ضد الرئيس الراحل علي عبد الله صالح.

وفشل الرئيس عبد ربه منصور هادي، في توحيد مختلف الفصائل القطاعية، واستغل الحوثيون هذا الفشل، وتجلى ذلك من خلال استيلائهم على أجزاء من اليمن، بما في ذلك العاصمة صنعاء في سبتمبر 2014 وتشكيل حكومة الظل. وبعدها فر هادي إلى الرياض التي قررت التدخل ضد الحوثيين.

هناك لاعب مهم آخر في الساحة اليمنية، استفاد من فوضى "الربيع العربي" وهو تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية والذي عزز من وجوده في العديد من المناطق اليمنية.

وبالمثل، أسس تنظيم داعش مناطق نفوذ ثانوية في اليمن منذ عام 2015، كجزء من استراتيجيته الطويلة الأجل للبقاء بالإضافة إلى توازن مضاد للقاعدة.

ورغم أن هجمات التحالف قللت بشكل كبير من قدرة داعش على تنفيذ هجمات كبيرة، ومع ذلك، في ضوء الهزائم الأخيرة في العراق وسوريا، حشد تنظيم داعش مقاتليه للانضمام إلى الساحة اليمنية وإحياء قوته.

وترتكز السياسة الإيرانية في اليمن على ثلاثة أركان رئيسة: (1) دعم الحوثيين. (2) وإلحاق الأذى بالمصالح السنية العربية، خاصة السعودية. (3) السيطرة على مضيق باب المندب الذي يربط البحر المتوسط ​​بالقرن الإفريقي والمحيط الهندي.

الحرس الثوري الإيراني هو الجهاز الإيراني المكلف بتنفيذ السياسة الإيرانية من خلال تمويل وتسليح وتدريب الحوثيين. وتعتمد إيران على وحدات الحرس الثوري الإيراني لتهريب الأسلحة إلى مليشياتها في مناطق النزاع، بما في ذلك اليمن.

والشخص المكلف بالتعامل مع مليشيا الحوثيين هو القيادي البارز في "الوحدة 400" التابعة لفيلق القدس الإيراني، عبد الرضا شلاهي. علاوة على ذلك، في بداية الحرب، لم يكن لدى الحوثيين أي قدرات متطورة لتصنيع الأسلحة أو الصواريخ. كانت قوتهم في أعدادهم وقدرتهم على الاستفادة من الفوضى في اليمن.

وشهد عام 2019 ظهور دعم دبلوماسي رسمي من إيران. ففي أغسطس من عام 2019، استقبل المرشد الأعلى الإيراني خامنئي وفداً من الحوثيين في طهران، أعلن خلاله دعمه صراحة لـ "الحوثيين". وعقب ذلك، تم تعيين إبراهيم محمد الديلمي، كسفير الحوثي في ​​طهران، واعترفت وزارة الخارجية الإيرانية بسرعة. وأعلن زعيم الحوثي، عبد الملك الحوثي، في 17 أغسطس نيته الدخول في علاقات دبلوماسية "مع الدول الصديقة، وخاصة جمهورية إيران الإسلامية".