عشائر شيعية عراقية تؤبن أبناءها قتلى الانتفاضة بمزيج من الحزن والغضب

الناصرية (العراق) (رويترز) - في ساحة لا تبعد كثيرا عن جسر قتلت قوات الأمن العراقية عليه محتجين بالرصاص في مدينة الناصرية بجنوب البلاد، وضع متظاهرون ومتظاهرات شبان نعوشا رمزية للقتلى بعد أن لفوا كل نعش بعلم العراق ووضعوا عليه صورة قتيل.
 
وبين أكثر من 40 نعشا وضعها المتظاهرون في ثلاثة صفوف سار المتظاهر مرتضى جودة (25 عاما) الذي شاهد عمليات القتل قبل فجر يوم الخميس الماضي.
 
وقال جودة وهو يشير إلى صور من يعرفهم من المحتجين القتلى ”هذا الرجل محمد لقي حتفه برصاصة في العنق. كرار أصابه الرصاص في جانب من الرأس. هذا الرجل الثالث مات برصاصة في القلب“.
 
وقال رعد حربي (21 عاما) الذي اعتصم يوم الأربعاء بعد أيام من انسحاب قوات الأمن من على الجسر الذي بدت عليه آثار حريق إن الاشتباكات استمرت ساعتين تقريبا.
 
وقال ”قتلوا آخر أصدقائي الذين كنت أحتج معهم منذ أكتوبر تشرين الأول. أنا الوحيد الذي بقي منهم“.
 
ثم حمل النشطاء النعوش وانضموا إلى مسيرة طولها ميل خرجت لتأبين عشرات من أبناء الناصرية الذين لقوا حتفهم في المظاهرات المناوئة للحكومة المستمرة منذ شهرين.
 
كانت الاشتباكات حول جسر الزيتون على نهر الفرات أدمى حدث منذ اندلاع الاضطرابات في بغداد في الأول من أكتوبر تشرين الأول والتي اجتاحت جنوب العراق الذي تسكنه أغلبية شيعية. وصدمت الاحتجاجات العراق الذي كان قد شهد عامين من الهدوء النسبي بعد هزيمة تنظيم داعش.
 
وقالت الشرطة ومسعفون في الناصرية إن قوات الأمن قتلت 46 شخصا بعد أن فتحت النار على المتظاهرين الذين كانوا يغلقون جسر الزيتون وطرقا أخرى رئيسية مؤدية إليه. وقال المسعفون إن عشرات الإصابات القاتلة لحقت بالمحتجين السلميين برصاص البنادق والأسلحة الآلية.
 
وقُتل أكثر من 400 محتج كما قُتل أكثر من 12 من أفراد قوات الأمن منذ اندلاع الاضطرابات. ومن بين هذا العدد من الضحايا ما يقرب من مئة في الناصرية.
 
واستخدم بعض المتظاهرين القنابل الحارقة والمقاليع ضد الشرطة والمباني العامة وأحرقوا القنصلية الإيرانية في النجف بجنوب العراق الأسبوع الماضي.
 
وأثارت عمليات القتل في الناصرية وهي رابعة كبرى مدن العراق وواحدة من أفقرها السخط على السلطات والأحزاب السياسية التي تدعمها إيران والجماعات المسلحة التي تهيمن على مؤسسات الدولة.
 
ويقول النشطاء الذين يسيطرون الآن على الطرق الرئيسية والجسور مثل جسر الزيتون إن إراقة الدماء قوت عزيمتهم.
 
ويتعهد المحتجون بالبقاء في الشوارع إلى أن تتحقق مطالب الانتفاضة الشعبية بالعراق وهي إصلاح النظام السياسي ورحيل النخبة الحاكمة الفاسدة التي يقولون إنها تركت العراقيين نهبا للعوز والبطالة.
 
وقطع المحتجون خطوة نحو تحقيق الهدف عندما أعلن رئيس الوزراء عادل عبد المهدي، وهو من أبناء الناصرية، استقالة حكومته الأسبوع الماضي.
 
وقال طالب فارس، وهو زعيم عشائري، خلال تأبين اثنين من أبناء عشيرته في ميدان بالمدينة إن استقالة رئيس الوزراء لا تكفي وإن الجميع لا بد أن يرحلوا.
 
وتلا أسماء سياسيين بينهم قادة جماعات مسلحة مدعومة من إيران فرضوا سطوتهم على الحكومة والبرلمان منذ الإطاحة بصدام بعد الغزو الذي قادته الولايات المتحدة في 2003.
 
وقال طالب إن العراقيين لا يريدون تدخلا أجنبيا ولا يريدون الدور الذي تلعبه إيران في بلادهم. وأضاف أن إراقة الدماء التي تحدث في العراق مماثلة لما كان يحدث في عهد صدام لكنها الآن بأيدي الأحزاب الشيعية.
 
وبينما كان فارس يتحدث تدفق الآلاف على الميدان لتأبين القتلى وهم يبكون وينشدون. وكابد قادة عشائر مسنون للمشاركة على قدم المساواة مع الشبان.
 
وقال مسعف (30 عاما) وهو ناشط أيضا ”جيلنا تجاوز حاجز الطائفية. انظر إلى الشبان الذين يتظاهرون في المناطق السنية في الشمال لدعمنا“. وأضاف ”بعض الشبان الذين ماتوا على الجسر لم يكن لديهم حتى المكان الذي يبيتون فيه. هذا الغضب لن ينتهي“.