لماذا تشعر القوى الموالية لإيران في العراق بـ"الهلع" من اختيار عدنان الزرفي لرئاسة الوزراء؟

ناقشت صحف عربية، ورقية وإلكترونية، العقبات التي تواجه رئيس الوزراء العراقي المكلف عدنان الزرفي في طريق تشكيل حكومة جديدة في البلاد.
 
ويرى بعض الكتاب أن سبب انقسام القوى السياسية على ترشيح الزرفي جاء نتيجة لاختلاف ولاء عدد من القوى الشيعية الرئيسية في البلاد بين إيران وأمريكا.
 
فيما يرى فريق آخر أن القوى الشيعية تفكر في مصلحتها الشخصية وتخشى من أن الحكومة القادمة قد تحاول محاسبتها.
 
ويشهد العراق مظاهرات ضد الحكومة منذ أكتوبر/تشرين الأول الماضي. ودفعت هذه الاحتجاجات المستمرة حتى الآن رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي لتقديم استقالته بعد نحو شهرين من بداية التظاهرات.
 
"أسوأ حالات" البيت الشيعي العراقي
 
تقول باهرة الشيخلي في جريدة العرب اللندنية إن "الصراع ربما سيستمر بين القوى الشيعية في العراق على منصب رئيس الوزراء حتى منتصف العام الحالي، إلا إذا تم حسمه بطريقة غير متوقعة، وربما من سيحسمه سيكون من خارج اللعبة المسماة العملية السياسية".
 
وأضافت الكاتبة: "الغريب أن المعسكر الذي نسميه شيعيًا، انقسم على نفسه إلى ولاءين أحدهما لأمريكا وثانيهما لإيران، ويعير كل قسم شقيقه بولائه، فالموالي لأمريكا يريد استثمار كراهية العراقيين للنفوذ الإيراني في بلدهم وما جلبه لهم من خراب وقتل وإبادات. بينما الموالي لإيران يريد استثمار معاداة العراقيين لأمريكا، التي غزت بلدهم واحتلته وأشاعت فيه الفوضى وأسست للخراب في جميع المناحي".
 
وتابعت: "أي مرشح لمنصب رئيس الوزراء سيصطدم بالرفض الشعبي الواسع، كما حصل مع الزرفي الذي جاء تكليفه معاكساً للمعايير والصفات، التي وضعتها ساحات الاحتجاج والاعتصام".
 
وفي السياق ذاته، يرى خالد عليوي العرداوي في جريدة العالم العراقية أنه "في ظل شرق أوسط متغير، وقواعد للعب جديدة بين لاعبيه الكبار، بدا البيت السياسي الشيعي في العراق في أسوأ حالاته؛ كونه يعيش مأزقًا كبيرًا للغاية، فالسياسي الشيعي لم يستوعب بما فيه الكفاية التغيير الحاصل، ولا زال يظن، أو يريد أن يوهم نفسه بأن كل شيء في المنطقة كما كان في السابق، منكرًا، أو متغافلًا عن واقع كونه سمح -بشكل ما- لنفسه أن يصير جزءا من أوراق ضغط الآخرين، كما سمح لبلاده أن تصبح ساحة لتصفية حساباتهم".
 
وأضاف: "تجد ما يزيد الطين بلة هو تشرذم قرارهم السياسي بشكل مخزي، وانقسام مواقفهم بصورة حادة عند التعامل مع القضايا الرئيسة لبلدهم على المستويين المحلي والدولي".
 
وتابع الكاتب: "معظم الانقسام والصراع بين القوى الشيعية الرئيسية في العراق ناجم عن اختلاف ولاءاتها الخارجية ورغبتها المحمومة في كسب المزيد من السلطة والنفوذ، وغياب القيادة الاستثنائية القادرة على تقريب المواقف وفرض الحلول، فضلًا عن اختلاف منطلقاتها الفكرية والعقائدية، وفوقية الكثير منها وانعدام إحساسها وإدراكها لحاجات شعبها وتحولات بيئتها: المحلية والإقليمية، وربما -أيضًا- لتورط الكثير من قياداتها بملفات وقضايا يحاسب عليها القانون".
 
"هلع" القوى الموالية لإيران
 
يتساءل حميد الكفائي في جريدة صوت العراق: "لماذا أصيبت القوى السياسية العراقية المسلحة الموالية لإيران بالهلع من تكليف عدنان الزرفي بتشكيل الحكومة؟ علمًا أنه من الوسط الإسلامي الشيعي الذي تنتمي إليه، وكان قادة هذه القوى متعايشين ومنسجمين معه خلال 17 عامًا، ويتعاملون معه كعضو فاعل في التحالف الشيعي، ومحافظ لأهم محافظة دينية يرتادونها ويدعون الانتساب إليها".
 
وأجاب الكاتب: "من خلال استعراض سريع لتاريخ هؤلاء، نعرف بأنهم لم يجتمعوا يومًا لمصلحة وطنية، لكنهم يجتمعون وينسقون ويتعاونون للاحتفاظ بمصالحهم ومصلحة إيران التي ترعاهم وتسندهم. إنهم يخشون من أن الحكومة المقبلة، خصوصًا إذا كانت مدعومة دوليًا، سوف تحاسبهم وتكشف سرقاتهم وجرائمهم بحق العراقيين وتفكك ميليشياتهم التي تمكنوا عبرها من السيطرة على العراق".
 
وفي سياق متصل، يقول هادي جلو مرعي في وكالة نون الخبرية العراقية إن "القوى الشيعية الأساسية أعلنت رفضها تكليف الزرفي، وكررت ذلك في بيانات بعد أكثر من اجتماع عقد في منازل القادة الكبار لأسباب طال ويطول شرحها متصلة في الغالب بالخشية من نوايا المكلف السياسية".
 
ويضيف مرعي: "ليس واضحًا إلى من سينساق الكرد والسنة خاصة وإن القوى الرافضة لترشيح الزرفي أيدت الكرد والسنة في رفض علاوي، وبمعنى أدق فإن إمكانية بقاء التحالف بين القوى الشيعية والكردية والسنية في مرحلة مقبلة ممكن جدًا، وسيتكرر سيناريو الرفض لعلاوي مع الزرفي، ما يدفع إلى المزيد من التأزيم، وعدم القدرة على المضي في تشكيل حكومة العراق أحوج ما يكون لها في ظل كورونا، وهبوط أسعار النفط، وضرورات الإصلاح السياسي والاقتصادي الذي يسعى إليه العراقيون، والذين عبروا عن حاجتهم إليه بصور مختلفة".