ما وراء عودة عمليات اختطاف الأجانب؟

شكلت حادثة اختطاف ثلاثة أجانب في وضح النهار من وسط العاصمة صنعاء الجمعة الماضي، فارقة في تاريخ عمليات الاختطاف التي كانت تلاشت خلال السنوات الأخيرة واختفت من واجهات الأحداث. ومن المتوقع ان تثير اخر حوادث الاختطاف تساؤلات حول تهاوي الامن بشكل عام في صنعاء، التي تواجه ارتفاعا في نسبة الجرائم وفقدان حكم القانون بشكل ملحوظ في البلاد. تقول صحيفة "ذي اوبزرفر" البريطانية في عددها الصادر اليوم ان عمليات الاختطاف السابقة في اليمن كانت تعتبر من الممارسات الشائعة فيها، وان المختطفين الأجانب كانوا يُستخدمون للمقايضة مع إطلاق سراح السجناء او المطالبة بمزيد من التمويل من السلطات اليمنية. وان حادثة اختطاف ثلاثة أجانب في وضح النهار وفي احد أكثر الطرقات ازدحاما وأمنا في صنعاء، يحمل في طياته إشارة تومئ إلى تزايد عدم توفر حكم القانون في العاصمة اليمنية. والثلاثة هم رجل نمساوي واثنان من فنلندا، كانوا احدث ضحايا الاختطاف في اليمن التي يمزقها النزاع. وقال شهود عيان ان رجالا ملثمين مسلحين دفعوا الرجال الثلاثة إلى دكان لخياطة الملابس في وسط ميدان التحرير حوالي الرابعة مساء، بعد ظهر يوم من ايام التسوق المزدحمة. وقال محمد عبد الله، وهو بائع جوال على عربة صغيرة، ان اربعة رجال مسلحين يخفون وجوههم بلثام، انقضوا على الاجانب وهم يتجولون في تلك المنطقة. وقال "توقفت سيارة سوداء من طراز سوزوكي فيتارا ليخرج منها اربعة رجال ويجبرون الاجانب على الدخول الى دكان للالكترونيات. ويبدو انهم تبادلوا الحديث لبضع دقائق داخل الدكان قبل ان تعود السيارة. وتجمهر افراد من الشعب على عجل، لكن الرجال ابعدوهم ووجهوا بنادقهم اليهم، ثم انطلقت السيارة (والاجانب فيها) الى الجهة الجنوبية للمدينة". ومن بين المختطفين اثنان كانوا يدرسون اللغة العربية في احدى المدارس في صنعاء لعدة اشهر. اما السيدة الثالثة فقد وصلت الى اليمن في الليلة السابقة على الحادث بهدف زيارة زوجها. وقال شهود عيان ان المجموعة كانت رابطة الجأش اثناء انطلاق السيارة بهم. وتقول الصحيفة ان ميدان التحرير لا يبعد أكثر من ثوان عن عدد من المباني الحكومية، ومن بينها وزارة الدفاع، حيث توجد في العادة قوة عسكرية، ويعتبر من اكثر الاماكن امنا في المدينة. وفي العادة كانت القبائل تقوم باختطاف افراد وتمارس هذه العملية بوجه عام في اليمن لاستخدامهم في المقايضة مع سجناء لدى الحكومة او من اجل تلبية مطالبهم المالية من الحكومة. وفي نيسان (ابريل)، احتجز احد العاملين في المعونة لدى الصليب الاحمر الفرنسي ثم اطلق سراحه من دون اصابة، بعد وساطة قبلية استمرت لشهر. ولا تزال اخبار احدى السيدات السويسريات مجهولة بعد ان احتجزت في اذار (مارس) من ميناء الحديدة. ومن المتوقع ان تثير اخر حوادث الاختطاف تساؤلات حول تهاوي الامن بشكل عام في صنعاء، التي تواجه ارتفاعا في نسبة الجرائم وفقدان حكم القانون بشكل عام. ويقول محللون امنيون ان هذا العام شهد ارتفاعا في عمليات الاختطاف والقتل وسرقة السيارت ومتابعة عمليات الانتقام القبلية في مدينة تتسم عادة بالحصانة من عدم الاستقرار القبلي الذي ينتشر في قطاعات كبيرة من البلاد. ويتزامن حمل رجال القبائل للاسلحة الاوتوماتيكية في صنعاء مع فترة انتقالية في اليمن تبدأ بـ"حوار وطني" في العام الجديد. ويهدف الحوار الذي توسطت به دول مجلس التعاون الخليجي لتوجيه اليمن نحو الانتقال السلمي بعد ثورة الربيع العربي والاطاحة بالرئيس السابق علي عبد الله صالح، الذي كان حليفا لفترة طويلة للولايات المتحدة. وقالت جيني هيل، التي ترأس مكتب اليمن في المعهد الملكي للشؤون الدولية (كاثام هاوس) انه "رغم تحسن الاوصاع الامنية عما كانت عليه العام الماضي، عندما كانت فصائل عسكرية متنافسة تتواجه في وسط العاصمة، فان حكم القانون لا يزال هشا للغاية". وتشير وسائل الاعلام تكرارا الى وجود رجال مسلحين من تنظيم "القاعدة" في المدينة، الا انه لم يظهر اي دليل يذكر لدعم هذه الادعاءات. ومع ذلك، فان من المعروف ان المجموعة اختطفت الدبلوماسي السعودي عبد الله الخالدي الذي بقي رهينة لدى الشبكة المتطرفة منذ اختطافه في 28 اذار (مارس) في المستعمرة البريطانية سابقا عدن. ومن المحتمل ان يكون دور المجموعة المشتبه بها في عملية اختطاف الاجانب الثلاثة موضع تكهنات واسعة في الاسابع القادمة، خاصة اذا كانت هناك عصابة مسلحة تسعى وراء الحصول على اموال فدية، هي التي قامت بعملية الاختطاف.