واشنطن بوست: اليمن.. اختباراً للكونغرس

تشكل الكارثة في اليمن اختبارا للكونغرس، وإذا ما كان مستعدا أخيرا لممارسة مسؤوليته الدستورية. وقد أصدر أربعة مشرعين في مجلس النواب - ديمقراطيان وجمهوريان - قرارا بموجب قانون قوى الحرب، يطالبون بالتصويت خلال 15 يوما لإنهاء التدخل الأمريكي في الحملة السعودية المدمرة لليمن.

 

ويتطلب القرار الذي يشترك في رعايته الديمقراطيان رو خانا ومارك بوكان، والجمهوريان توماس ماسي وولتر جونز "سحب" القوات الأمريكية من الحرب في اليمن ما لم يصوت الكونغرس على تفويض بالمشاركة الأمريكية.

 

وبدءاً من الرئيس باراك أوباما، ساعد الجيش الأمريكي الحملة السعودية في اليمن، من خلال الدعم الاستخباراتي واللوجستي وتحديد الأهداف. وكان الدعم الأمريكي جزءا من صفقة للحصول على دعم السعودية للحرب ضد داعش في العراق وسوريا.

 

وكانت الحملة التي تقودها السعودية في اليمن محورية في خلق ما يسميه مسؤولو الأمم المتحدة أكبر أزمة إنسانية في العالم. وساعدت عمليات القصف في المناطق المدنية على خلق المجاعة لسبعة ملايين شخص، فيما 20 مليون شخص بحاجة إلى مساعدات إنسانية، وتسببت في تفشي وباء الكوليرا الذي أصاب بالفعل 700 ألف شخص وقتل أكثر من 2000 شخص.

 

وقد واجهت المملكة العربية السعودية انتقادات عالمية متزايدة على قصف المناطق المدنية وغيرها من الانتهاكات للقانون الدولي. وفي الآونة الأخيرة، منع السعوديون رحلات الإغاثة من الوصول إلى مطار اليمن ووقف إيصال أربع رافعات ممولة من الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (أوسيد) التي تعتبر حيوية لتفريغ الأدوية والمواد الغذائية في ميناء الحديدة.

 

ونجح النفوذ السعودي في عرقلة الجهود التي تبذلها هولندا لفرض تحقيق دولي على جرائم الحرب في اليمن. والشهر الماضي أصدر مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة قرارا وسطا يدعو إلى تعيين خبراء دوليين مستقلين إلى جانب اللجنة الوطنية اليمنية –المشكلة من الحكومة الموالية للتحالف- للتحقيق في الانتهاكات الإنسانية وتحديد المسؤولين عنها.

 

وخلال حملته الانتخابية، أعرب دونالد ترامب عن تشككه في التدخلات الأمريكية الفاشلة في الشرق الأوسط. ولكن منذ وصوله إلى منصبه، قام بتصعيد مشاركة الولايات المتحدة في أفغانستان وسوريا واليمن. وقد ازدادت وتيرة القصف والتدخلات الأمريكية من قبل القوات الخاصة التي تستهدف تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية بشكل كبير. ولم يشر ترامب إلى الهجمات السعودية الوحشية على اليمن في الاحتفال بتعاونه في الحرب على الإرهاب في القمة العربية الإسلامية الأمريكية في الرياض. ويبدو أن ترامب ضاعف من سياسة سلفه -أوباما - تجاه السعودية واليمن.

 

وعلى الرغم من أنها ملكية رجعية، تتمتع المملكة العربية السعودية منذ فترة طويلة بعلاقة خاصة مع الولايات المتحدة. وقد غضت الحكومة الأمريكية الطرف عن دعمها لنشر العقيدة الوهابية المتطرفة الأصولية وعلاقاتها المالية الواسعة مع المنظمات المتطرفة.

 

وفي خطابه عن السياسة الخارجية في كلية وستمنستر، شجب السناتور والمرشح للرئاسة الأمريكية في 2016 بيرني ساندرز، بشجاعة دعمنا للتدخل المدمر للمملكة العربية السعودية في اليمن، قائلا إن "هذه السياسات تقوض بشكل كبير قدرة أمريكا على التقدم في جدول أعمال حقوق الإنسان عبر العالم".

 

وفي وقت لاحق، في مقابلة مع صحيفة "ذي انترسيبت"، قال ساندرز، إن المملكة العربية السعودية لا ينبغي أن تعتبر "حليفا"، لأنها "دولة غير ديمقراطية دعمت الإرهاب في جميع أنحاء العالم".

 

ويشير قرار الكونغرس إلى تقارير وزارة الخارجية الأمريكية لعام 2016 بأن النزاع في اليمن "يؤدي إلى نتائج عكسية للجهود الجارية... لمكافحة القاعدة والقوى المرتبطة بها". والتدخل السعودي يخلق دولة فاشلة أخرى يمكن أن يتجذر فيها الإرهابيون.

 

وكما يقول راعي مشروع القرار السناتور رو خانا: "إن الكونغرس والشعب الأمريكي يعرفان القليل جدا عن الدور الذي نؤديه في حرب تسببت بمعاناة لملايين اليمنيين، وتشكل تهديدا حقيقيا لأمننا الوطني".

 

وسيجبر القرار، الكونغرس على مناقشة هذه السياسة المؤسفة حقا التي تورطت فيها الولايات المتحدة في جرائم الحرب السعودية في اليمن وتأجيج انتشار الإرهاب.

 

والواقع أن الطبيعة القائمة على الحزبين في القائمة المشتركة في رعاية القرار تشير إلى الاهتمام في إنعاش دور الكونغرس باعتباره سلطة دستورية فعالة. ويأمل السناتور خانا أن تكون المناقشة حول دعمنا للتحالف السعودي في اليمن خطوة أولى رغم أنها متأخرة ولكنها ضرورية، مما يدل على تزايد القلق بين الحزبين إزاء التدخل الأجنبي المستمر.

 

صحيفة "واشنطن بوست"