وزير بريطاني سابق: حكومتنا دانت الهجوم على الرياض لكنها لم تدن 1000 يوم من القصف السعودي على اليمن!

القرار 2216 مفارقة تاريخية يشكل عائقا أمام عملية السلام

إنه لمن دواعي الفخر أن قادتنا، في أعقاب حربين عالميتين فظيعتين، أنشأوا اتفاقيات جنيف، وهي مجموعة تاريخية من القوانين التي تحكم الصراع.

 

ولكن حتى هذا الشهر، وبينما نحتفل بذكرى جنودنا الذي سقطوا في الحربين، فإن هذا النظام الدولي القائم على القواعد ينهار.


وفي اليمن، يقوضه حلفاؤنا.


وفي وقت نضع أكاليل الزهور في المملكة المتحدة للاحتفال بذكرى الحرب، تعاني اليمن يوما آخر من الحصار الوحشي الذي يهدد بزج البلاد في أكبر مجاعة في العالم. وقد فرضته السعودية.

 

وقد فرض الحصار - بعد إطلاق صاروخ باتجاه الرياض - منذ أكثر من 20 يوما، مما أدى إلى قطع نصف مليون طن من الطعام والوقود للسكان المتضورين جوعا، ومنع دخول الإمدادات الطبية التي في أمسِّ الحاجة إليها، وكذا منع رحلات الأمم المتحدة الإنسانية التي تحمل الإغاثة من الدخول إلى اليمن.

 

هذه جريمة بموجب القانون الدولي - وباعتبارنا حليفا وموردا رئيسيا للأسلحة إلى المملكة العربية السعودية، فإن المملكة المتحدة متواطئة بشكل مخجل.

 

إن التعهد السعودي بفتح بعض الموانئ للإمدادات الإنسانية العاجلة لا يفي بإطعام السكان المعتمدين للحصول على 80 في المائة من غذائهم على الواردات.

 

كل ساعة، يتم تشخيص 27 طفلا يعانون من سوء التغذية الحاد: ويعاني 600 طفل من الجوع كل يوم. ويعني نقص الوقود أن سبع مدن على الأقل قد نفدت بالفعل من المياه النظيفة والمرافق الصحية؛ فقد أغلقت المستشفيات بسبب نقص المياه والوقود للمولدات الكهربائية.

 

ومع نفاد اللقاحات، يتعرض مليون طفل لخطر الدفتيريا، المعروف باسم ملاك الأطفال الخانق.

 

ولم يعثر فريق من خبراء الأمم المتحدة على أي دليل يدعم الادعاءات السعودية بأن عرقلة السلع المدنية توقف الصواريخ.


وهذا العائق غير قانوني بموجب النظام الدولي.

 

إن صمت المملكة المتحدة في مواجهة هذه الجرائم الواضحة ضد شعب اليمن لا تجعلنا في وضع مخجل فحسب، بل تجعلنا متواطئين أيضا.

 

إنها حرب شنها حلفاء بريطانيون باستخدام الأسلحة البريطانية: لقد زودنا السعودية بالأسلحة والدعم العسكري في السنوات الأخيرة بما قيمته 4 مليارات جنيه إسترليني.

 

وبما أن المملكة المتحدة "المعنية" بملف اليمن، في مجلس الأمن، فإننا نتحمل مسؤولية خاصة - سياسية وأخلاقية - لقيادة الاستجابة الدولية لإنهاء هذا الصراع.


لكن الحكومة البريطانية رفضت أن تسمي ما يجري حاليا في اليمن، بحصار غير قانوني.

 

وفي حين دانت الحكومة البريطانية محاولة الهجوم الصاروخي على مطار الرياض، لكنها لم تدن 1000 يوم من القصف السعودي المكثف على اليمن!!

 

في اليوم الأول من زيارتي الأخيرة للعاصمة صنعاء، تعرضت المدينة لست هجمات في غارات سعودية.

 

وطوال النزاع، فشلت "دبلوماسيتنا الهادئة" في كبح جماح الجرائم التي ارتكبها حلفاؤنا في ما أسماها الأمين العام للأمم المتحدة "حربا غبية".

 

والحصار الحالي لا يقتصر على خطر الموت المفرط للملايين. فمن خلال تشديد الخناق على السكان الذين يعانون من الجوع، فإن السعودية تسعى إلى هزيمة أعدائها عن طريق الإخضاع.

 

وتوعد الحوثيون وحلفاؤهم علنا بالانتقام، متهمين العدوان السعودي الذي "يوصد كل الأبواب من أجل السلام والحوار".

 

ولا يمكن في نهاية المطاف تأمين حدود المملكة إلا من خلال استقرار اليمن.

 

إن إطالة أمد الصراع تخدم غرض أولئك الذين يستفيدون من الحرب في تقويض الاستقرار في المنطقة: بما في ذلك إيران والجماعات المتطرفة.

 

عندما كنت في اليمن، رأيت كتابات في الشوارع باللغتين العربية والإنجليزية: "أمريكا وبريطانيا تقتلان الأطفال اليمنيين".

 

لقد حان الوقت لقيادة المملكة المتحدة الآن. وعلينا أن نطالب بوقف عاجل لإطلاق النار، وإنهاء فوري وغير مشروط للحصار، والعودة إلى محادثات السلام الشاملة.

 

لقد طال انتظار قرار جديد من مجلس الأمن: فمن المسلم به على نطاق واسع أن القرار 2216 مفارقة تاريخية يشكل عائقا أمام عملية السلام.

 

تقاس تكلفة تقاعسنا في الحياة اليمنية. الساعة تدق: يموت طفل كل عشر دقائق. واليمن أيضا قنبلة موقوتة تهدد السلم والأمن الدوليين.

إن إلغاء مسؤوليتنا عن إدانة هذه الجرائم واستخدام نفوذنا لوقفها يقتل الملايين من اليمنيين.

 

علينا أن نستخدم كل شبر من نفوذنا - دبلوماسي وسياسي واقتصادي - لإثبات أن حلفاءنا لديهم المزيد من أجل السلام بدلا من استراتيجية عسكرية عديمة الفائدة تفاقم أكبر كارثة إنسانية في العالم، وتقوض النظام الدولي القائم على قوانين تبقينا جميعا آمنين.

 

 

*أندرو ميتشل: وزير التنمية الدولية السابق وعضو البرلمان البريطاني حالياً