كيف حول الحوثي شهر رمضان إلى كابوس يؤرق أرباب الأسر

بدأت وزارة المالية في حكومة الحوثيين، عملية صرف نصف راتب لموظفي الدولة، بمناسبة قدوم شهر رمضان، بعد أشهر طويلة من رفضها صرف المرتبات التي صادرتها قرابة عامين متسببة في أكبر وأسوأ معاناة للمواطن.

وفي وقت سابق، أصدر حسين مقبولي نائب رئيس الوزراء وزير المالية المعين من قبل مليشيا الحوثي تعميما رقم (14) لعام 2018 بناء على توجيهات مهدي المشاط رئيس ما يسمى المجلس السياسي الأعلى الذي يديره الحوثيون بشأن اتخاذ الإجراءات اللازمة من قبلكم لما من شأنه صرف (50%) فقط من المرتبات الأساسية والبدلات المرتبطة بالراتب، بما يعني نصف راتب شهر أغسطس 2017م للموظفين الأساسيين بشقيهم المدني / العسكري في المناطق الخاضعة لسيطرتها.

وباشرت الوزارات ومكاتب البريد اليمني، عملية صرف النسبة المحددة من راتب شهر أغسطس 2017 للقوى العاملة من موظفي الجهات الحكومية المدنية والعسكرية في العاصمة صنعاء والمناطق الخاضعة لسيطرة المليشيا الحوثية.

أوضاع مأساوية قاسية يعانيها المواطن وخاصة مع اقتراب شهر رمضان واتساع رقعة الفقر جراء عدم صرف المرتبات منذ قرابة 24 شهرا واستمرار الحرب التي فرضها الحوثيون منذ 26 مارس 2015، وانعدام مصادر الدخل وارتفاع معدلات البطالة بشكل غير مسبوق.

في المقابل، ارتفعت أسعار الاحتياجات الأساسية للمواد الغذائية والسلع التموينية بنسبة أكثر من مائة في المائة، جراء فرض المليشيا ضرائب باهظة على التجار المحليين في مداخل العاصمة صنعاء والمدن الخاضعة لسيطرتها.

العديد من الموظفين اثاروا استفسارات عن جدوى صرف نصف راتب شهر، أمام الارتفاع الملحوظ في أسعار المواد الغذائية الأساسية، فضلا عن ارتفاع كبير في أسعار مادة الغاز المنزلي والذي تخطى سعر الأسطوانة الواحدة مبلغ ثلاثة آلاف ريال.

فإلى جانب الالتزامات اليومية للمواطن تجاه توفير حاجيات المنزل الأساسية خصوصا في شهر رمضان، ثمة التزامات أخرى تتمثل في تكاليف الإيجار الشهري للمساكن والتي تراكمت لعدة أشهر وعرضت مئات الأسر للطرد إلى الشارع من قبل المؤجرين وحجز أثاثهم ومقتنياتهم حتى دفع إيجارته المتبقية.

في هذا الشأن، يقول موظف حكومي لمحرر وكالة خبر، اننا كموظفين نمر بظروف صعبة للغاية ولامثيل لها فلو تمكنا من توفير الاحتياجات الأساسية من القمح والدقيق والسكر، فهناك إشكالية أخرى تتمثل بمطالبتنا بدفع إيجارات السكن المتأخرة لفترة تصل في بعض الحالات إلى أكثر من سنة كاملة.

ويضيف: لم أكن أتوقع أن يتحول قدوم شهر رمضان إلى كابوس يؤرق مضاجعي ويشغل بالي، فهذا الشهر له احتياجات أساسية ومواد تموينية غير كل شهور العام وعلينا توفيرها كحد أدنى ليمر مرور الكرام، لافتاً أن الديون وهموم عدم المقدرة على تسديدها تهب اليه من كل الجهات حتى تحولت حياتي إلى معاناة دائمة.

وقال مواطن آخر في حديث لمحرر خبر للأنباء: الكثير من الأسر لم تعد قادرة على توفير أبسط مقومات الحياة ولاتجد قوت يومها، وبالكاد من يعيلها يتمكن من توفير قيمة خبر وزبادي وجبتين كحد أدنى على مدار 24 ساعة، مضيفاً أن بعض الأسر رغم حاجتها تتعفف ولا تستطيع مد يدها للحصول على مساعدات غذائية من جمعيات خيرية محلية ودولية أو من قبل فاعلي الخير.

وأجاب مواطن على سؤال طرحه محرر "خبر" للأنباء، عن جدوى صرف نصف مرتب لكل موظفي الدولة، بالقول: المليشيا الحوثية ليس لديها مشروع غير الموت كما هو واضح من خلال شعارها وادبياتها وممارسات عناصرها وقياداتها وتجويعه بالموت البطيء وان معاناة الناس لايمكن ان يكون في اهتماماتها اطلاقا، مؤكدا ان المليشيا تقوم بنهب مليارات الريالات شهريا من إيرادات الدولة وباستطاعتها صرف مرتبات الموظفين كاملة، بدلا من انفاقها على قياداتها التي تعمل في غسيل الاموال وشراء البيوت والفلل والسيارات الفارهة واصبحت في ثراء فاحش.

يقول خبراء اقتصاديون إن المبلغ المصروف للموظفين، لن يكون ذا قيمة تذكر، كما لن يسهم بأي حال في التخفيف ولو جزئياَ من معاناة ملايين الأسر اليمنية التي تعتمد على الراتب الشهري في الدرجة الأساس، في مواجهة متطلبات الحياة اليومية، مؤكدين إن راتب شهر كامل، لن يكون ذا قيمة أمام المتطلبات الأساسية الكثيرة لأسرة الموظف، فضلا عن تكاليف الصحة والتعليم وايجارات الشقق والمساكن.

وكانت تعمدت مليشيا الحوثي العام الفائت إهانة الموظفين الحكوميين واستثمار اوجاعهم جراء ايقافها صرف المرتبات بصرفها "البطاقة السلعية" لكل موظف ليذهب لأخذ بعض الاحتياجات والمواد الغذائية من بعض المعارض والمراكز التجارية التي حددتها المليشيا وسط تهافت وزحام كبير وطوابير طويلة في خطوة ظاهرها تخفيف معاناة المواطن وباطنها دعم تجار موالين للمليشيات بنهب المرتبات مقابل بعض السلع الغذائية التي قاربت على الانتهاء واصبحت غير صالحة للاستهلاك.

ويكابد غالبية الموظفين بشقيهم المدني / العسكري وأسرهم في مناطق سيطرة الحوثيين أوضاعاً إنسانية صعبة يفتقدون فيها توفير أدنى متطلبات المعيشة، جراء انقطاع المرتبات وتلاحق الأزمات وارتفاع الأسعار وأجور النقل وانعدام الدخل المادي واستمرار الحرب في بلد يعاني من أكبر أزمة إنسانية في العالم، وفق تقديرات الأمم المتحدة.