مليشيا الحـوثي تغلق مؤسسة صقر للإعلام بذمار وتمنع إقامة دورات تدريبية
أُجبر مركز "صقر للإعلام"، أحد المشاريع الإعلامية الخاصة في محافظة ذمار، على إغلاق أبوابه بشكل قسري، بعد تعرضه لسلسلة من المضايقات والاستدعاءات الأمنية من قبل مليشيا الحوثي.
أكد مصدر مطلع، أن مليشيا الحوثي مارست ضغوطًا ممنهجة على المركز ومالكه الصحفي والمدرب الإعلامي صقر عبد الله أبو حسن، منذ تأسيسه قبل قرابة عامين، وصولاً إلى إجباره على توقيف نشاطه بالكامل قبل نحو شهر.
وفي منشور على صفحته الشخصية في "فيسبوك"، مساء الاثنين، تحت عنوان "طريقك مسدود"، كشف صقر أبو حسن تفاصيل المضايقات التي تعرض لها مشروعه، الذي يضم منصة "ذمار بودكاست" وبرنامج "مدارات للتدريب"، مؤكدًا أن المشروع توقف رغم حصوله على التراخيص الرسمية من الجهات الحوثية، ممثلة بوزارتي الثقافة والتعليم الفني.
وأشار إلى أن الجهات الأمنية التابعة للميليشيا كثّفت من ضغوطها وملاحقاتها الإدارية والأمنية، مما أدى في نهاية المطاف إلى إغلاق المركز ومصادرة حلمه المهني الذي كان يسعى من خلاله إلى تعزيز المهارات الإعلامية للشباب في المحافظة.
وتنشر وكالة خبر منشور الصحفي ابو حسن كما نشره في صفحته على فيسبوك:
#ذماريات:
طريقك مسدود
كان مجرد حلم وتلاشى، بفعل الصفعات القوية، تهاوى الأمل وانتهى. على مدى عامين حاولتُ وحاولتُ، لكني فشلت، فشلت مع مراتب متقدمة من الإنهاك.
يا صديقي، لم أستوعب نصائحك أن الغد ما يزال مبهمًا ويحمل الكثير من الغموض، بل المجهول المخيف.
حسرة تخترق أحشائي وتدمي قلبي. لم يصل إلى مسامعي أن صاحب مشروع إعلامي صغير واجه كل تلك الضغوطات التي تعرضتُ لها طوال تلك الفترة، وبحماس النجاة صمدتُ في مثل هذه الظروف الاستثنائية.
قال لي صديق ممازحًا: أنت مجنون، تصارع وحيدًا وبلا سند أو عون. لم أكن وحيدًا، كان يقف خلفي الكثير ممن آمنوا بأن الغد سيأتي حتمًا.
تخيّل يا صديقي، استنزفتُ كل مدخراتي ومدخرات عائلتي، وزدتُ عليها ديونًا.
تصدق يا صديقي، عندما استدعيتُ للتحقيق بعد أسابيع من فتح المشروع، خضعتُ لتحقيق دام ثلاث ساعات، سُئلتُ عن كل شيء تقريبًا، فقط لأن لدي مشروعًا صغيرًا، مشروعًا بسيطًا لكنه كان حلمي، ادخرته من سنوات عمري الأربعين، وكنت أطمح أن يكون نضال نهاية العمر... لكني كنتُ واهمًا، فهذا الواقع لا يتسع لحلم صغير.
انتهى التحقيق بأن كل نشاط لا بد أن يكون لهم علم به، وقائمة بكل محتويات المكتب بأرقامها التسلسلية.
قالها لي مسؤول ناصحًا: يقول "الخبرة" عليك ملاحظات، أعرف أنك نظيف... لكن انتبه لنفسك.
"الخبرة" يرخون آذانهم لكل شيء، وعلى حجم تحريهم وتدقيقهم في كل تفصيلة من يومياتي وحياتي وتحركاتي، لم يجدوا شيئًا، لا شيء مريبًا أو يستحق أن يجلب الخوف.
في الأنشطة الأولى #مدارات_للتدريب، وهو أول معهد تدريب إعلامي في ذمار، وكان ضمن مشروع #صقر_للإعلام، تلقيتُ سلسلة اتصالات، إحداها تأمرني بالتوقف عن التدريب.
لماذا؟ نحن معهد مصرح، وعملنا قانوني.
طلبتُ منهم حضور الدورات ليكون لديهم علم بما ندرب. وبعد جهد طويل، تفهّم البعض أن التدريب لا يستدعي كل ذلك، وأن ما نقوم به قانوني تمامًا، فالتدريب في مجال الإعلام أمر قانوني، لكنه في ذمار يثير الكثير من الشكوك لدى "الخبرة".
حتى يا صديقي، في مشروع #ذمار_بودكاست، كمنصة وحيدة للبودكاست الذماري، أُجبرت على التوقف، فقط لأن المحتوى لم يرقَ للبعض. كان المحتوى ذماريًا خالصًا، وفيه جهد واضح بجهود تطوعية.
لماذا التوقف؟
بدون سبب... توقف يعني توقف!
المشروع الذي كان بالنسبة لي نهاية تجربة الإعلام، وفيه يكون حسن الختام، وأملي الباقي للخروج من النفق المظلم والطويل... وصلتُ في مرحلة ما إلى كسر حصالة طفلي "نضال وأشرقت"، وأواجه بما فيها متطلبات الحياة ليومين أو ثلاثة.
متعب يا صديقي... أهملتُ أسرتي وعائلتي ومتطلباتهم، في سبيل أن يقف المشروع على قدميه، وعندما بدأ يخطو... جاءت الضربات القاسية والمحظورات المتعددة، حتى وصلتُ إلى قناعة أن الاستمرار مجرد عبث.
في مناقشة رسالة الماجستير لصديق اليوميات الصعبة والسعيدة "رياض صريم"، التقيتُ بصديق قديم لوالدي – حفظه الله – وهو رجل أمن محترم، كان يساندني دائمًا. أخبرته أني نقلتُ المكتب إلى البيت، فقالها بحسرة: والله إنه كان استهدافًا شخصيًا لك أنت.
الله يرحمك يا عبد الحليم، فقد اختصرتَ الكثير في عبارة واحدة: "وطريقك مسدود... مسدود".
يالله يا صديقي... ما أبشع شعور الهزيمة وانكسار الوجدان.
الأشجار، والأزهار الصغيرة التي اعتدتُ على مدى عامين سقيها ورعايتها، جميعها تضررت كثيرًا أثناء الانتقال. وكل أثاث المكتب تأثر، بل دُمِّر منه الكثير.
أي رحلة نقل حتمًا فيها أضرار، خاصة عندما يكون لديك أثاث مكتبي وأجهزة إلكترونية.
رحلة صغيرة لكنها مكلفة جدًا، والتفاصيل التي كنتُ أرتبها بعناية وحرص، كُدّست في دكان صغير في حارة شعبية.
كل الذكريات، وكل الآمال... باتت مكدسة إلى أجل غير معلوم.
"وستعرف بعد رحيل العمر أنك كنت تطارد خيط دخان"
كما قالها عبد الحليم حافظ ذات ليلة قاهرية، في نهاية أسطورة الغناء الخالدة "قارئة الفنجان".
ملاحظة:
ما قلته هنا القليل مما كان، ووسط هالة المحظورات، حتمًا سيغضب "الخبرة" مما كتبت... لكني منهك، ولم يعد لدي ما أخاف عليه، غير حياتي.